**الســلام عليكـم**

ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

ترجمة/Translate

الأحد، 22 مايو 2016

الصحافة المكتوبة في الجزائر

المقدمــــــــــــة :


لقد كان للصحافة منذ ظهورها في تنمية الوعي للجماهير و المستوى الثقافي للأمم كما شملت الصحافة مجالات الاقتصادية الاجتماعية السياسية كما أنها تأثرت بالغا بجميع المحطات التاريخية و أثرت فيها تأثرا ملحوظا و عبرت عن وجودها و أهميتها البالغة في المجتمع و صارت تبحث عن مكانة . و مرموقة لها حتى أصبحت تشكل سلطة رابعة و الجزائر كغيرها من دول العالم تأثرت بتطور الصحافة و قد شهدت محطات تاريخية عدة أثرت في تقرير مصير الأمة و لا يسعني في بحثي هذا إلا أن أتطرق إلى المسيرة الحافلة للصحافة الجزائرية .
فهل لعبت الصحافة المكتوبة دورا هاما   و كان لها دورا و هل كان لها تأثير في تاريخ الجزائر ؟   

المبحث الأول : تعريف الصحافة
المطلب الأول : تعريف الصحيفة
فرع (1) : تعريف اصطلاحي
هناك تعاريف متعددة و مختلفة لمصطلح الصحيفة بتعدد الزوايا التي ينطلق منها الباحث في تحديده لمفهومها و باختلاف العصور التي و ضعت فيها التعاريف و من بين هذه التعاريف النقترحة نجد تعريف الدكتور محمد رواس قلعاجي " الصحيفة بفتح الصاد جميع صحائف و تعني قطعة القرطاس أو الورق التي كتب فيها "... صحف ابراهيم و موسى "(1) .
و نفس التعريف تقريبا و ضعية الفيروز ابادي في قاموس محيط للمعلم بطرس البستاني اذ يعرفها بأنها "قطعة القرطاس أو الورق التي يكتب فيها و الصحفي من يخصأ في قراءة الصحيفة و من يأخذ العلم من الصحيفة لا من الأستاذ , و يعتبر هذين التعريفين للصحيفة من أبسط الصور السطحية القديمة التي أعطيت لها و من التعاريف الحديثة نجد الدكتور خليل صابات الذي يقول : " الصحيفة اضمامة من الصحفات تصدر يوميا أو في مواعيد محددة أو منتظمة بأخبار السياسة و الاجتماع و الاقتصاد و الثقافة و ما يتصل بذلك و جمعها صحف و صحائف (3)
كما يعرفها الدكتور علي حريشة بأنها " مصبوع دوري ينشر الأخبار السياسية و الاقتصادية و الثقافية و العلمية و التقنية و التاريخية و يشرحها و يعلق عليها " (4)
و انطلاقا من هذه التعاريف التي و ضعها العلماء يستطيع إن نقترح تعريفا للصحيفة
فرع (2): التعريف الإجرائي:
" الصحيفة مطبوع من الورق يصدر يوميا أو في أوقات محددة يهتم بتزويد الجمهور بمختلف الأخبار السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الرياضية و غيرها بشيئ من التعليق و التحليل .




(1) د/ محمد رواس فلعلجي حرون
المطلب الثاني : و ضائف الصحافة
كغيرها من وسائل الاتصال الأخرى فإن للصحافة المكتوبة عدة و ضائف نذكر منها ما يلي :
فرع (1) : وظيفة إعلامية و إخبارية :
حيث تعمل على تحذير المجتمع من الأخطار الطبيعية ( الحرب الوباء ....) و تنقل معلومات نفعية كالأخبار الاقتصادية السياسية ...إلخ كما أنها تعطي معلومات مفيدة للفرد و تضفي عليه و احتراما و نمكنه من ممارسة قيادة الرأي و لكنها قد مشاكل اجتماعية و نفسية و اقتصادية كالإحساس بالفقر و الحرمان و اللامبالاة ....إلخ
و للأخبار فائدة محققة للطبقة الحاكمة لأنها تعطيها معلومات مفيدة لزيادة نفوذها و تقويته و الكشف عن الانحراف و المنحرفين و التأثير على الرأي العام عن طريق المراقبة و السيطرة و إضفاء الشرعية على السلطة و لكنها قد تهدد الطبقة الحاكمة عندما تظهر نواحي الضعف لذلك سمي الاتصال عموما بالسلطة الرابعة .
فرع(2) : وظيفة تربية تعليم و تثقيف و ترفيه .
اذا كانت الصحافة المكتوبة تدور حول المشكلات الراهنة و غيرها من المسائل التي تثير الجدل و التأويل فإن التعليم يقدم وجهات نظر ثابتة ولا شك أن التعليم يساعد على تنمية الفكر و تقوية ملكية النقد و تربية الشخصية الإنسانية .
وهذا ما يجعل وظيفة التربية بأخذ أهمية بالغة لاسيما بفضل وسائل الإعلام عموما و الصحافة خاصة فهي لا تعتبر وسيلة مساعدة للتعليم فقط بل صارت أداة ضرورية للتربية الشاملة و الدائمة للأجيال و لاسيما الشباب إذ أصبحت الصحافة قطاعا أساسيا في توجيههم .
وحيث تعمل الصحافة المكتوبة على بث الأفكار و المعلومات و القيم التي تحافظ على ثقافة المجتمع و تساعد على تنظيم أفراده و تنشئهم على   المبادئ الصحيحة التي تسود المجتمع .
وهذه   الوظيفة ذات أثر نفسي و إيجابي   للتنفيس على المتاعب و الآلام و لكنها قد تجعل المجتمع يغرق في مشاكل وحالات من الفساد مما يؤدي إلى تفكك المجتمع   من الناحية السياسية و تساهم الصحافة   المكتوبة في تمكين الجمهور أو أعضاء المجتمع من الفراغ بشتى الوسائل و المواد الإعلامية من كلمات متقاطعة و تحقيقات و ألعاب للتسلية
فرع (3) : الوظيفة الاستشارية :
لم تعد الصحافة تكتفي بنقل الوقائع الاجتماعية و إنما هي تتدخل الآن إلى حد ما بشكل نشيط في مسرح الوقائع لتبدي رأيها الخاص أي أنها تقدم المشروع و الرأي خاصة منها صحافة الرأي .
المطلب الثاني : أنواع الصحف : تنقسم الصحف إلى عدة أنواع تبعا للمحتوى و الشكل و النظام السياسي و الإعلامي الذي تعيش فيه .
فرع (1) : من حيث التخصيص :
أ‌-        الصحف المالية و الاقتصادية : يهتم هذا النوع من الصحف بالشؤون المالية و الاقتصادية كما أنها تهتم بمشكلات التنمية و المجتمع و الصحف المالية تظهر دور التكنولوجيا في عملية التنمية و التغيير كما أنها تهتم بدراسة التضخم المالي و البطالة و العلاقات الاقتصادية بين مختلف الدول .
ب‌- الصحف السياسية : و يركز هذا النوع من الصحف على الناحية السياسية في المجال المحلي و الدولي و من المعلوم أن هذه الصحف تنتمي إلى جماعات الضغط التي تؤيد إيديولوجية معينة .
ت‌- الصحف العلمية : و تهتم هذه الأخيرة بكل ما جد في جميع النواحي العلمية و التكنولوجية و مسايرة الركب الحضاري و التقدم العلمي
هذه بعض أنواع الصحف المتخصصة مع الإشارة إلى ندوة مثل هاته الصحف في الجزائر .
فرع (2) : من حيث الملكية : هناك صحف   تابعة للقطاع العام ( أي الحكومة أو النظام القائم ) و صحف خاصة تابعة للقطاع الخاص أي مستقلة


فرع ( 3) : من حيث الانتشار :
أ‌-        الصحف المحلية : و ترتكز على مناطق جغرافية محددة مثل العناب النهار الأوراس ...
ب‌- الصحف الوطنية : و هي الصحف التي توزع على المستوى الوطني من أهم مميزاتها أنها تحتوي على عدد كبير من الموضوعات المتميزة : أهمها الأخبار الدولية و المحلية و الوطنية كالفن و الثقافة و الرياضة ... أما الصحف الأسبوعية أو النصف شهرية فيطلق عليها اسم المجلات.
المبحث الثاني : نشأة وتطور الصحافة المكتوبة في الجزائر :
لقد قسمنا في بحثنا هذا المراحل التي مرت بها الصحافة المكتوبة في الجزائر منذ نشأتها إلى يومنا هذا إلى المراحل ثلاثة هي :
المطلب الأول: مرحلة النشأة :
إن تاريخ الصحافة المكتوبة في الجزائر و كغيرها من بلدان العالم الثالث مرتبط بظاهرة الاستعمار الحديث الذي تعرضت له على يد الغزاة و المعمرين حيث و باعتبار الصحيفة أداة هامة للإعلام و التوجيه علمت الدول الاستعمارية على استخدام هذه الوسيلة لتزويد فواتها بالأخبار و المعلومات   حول المناطق التي ترغب في الاستيلاء عليها كما تستعملها في عزل هذه الشعوب عن المحيط الخارجي لاغتصابها و تحقيق أطماعها التوسعية .
و كغيرها من الدول المستعمرة و عرفت الجزائر هذا النوع من وسائل الإعلام مع نزول القوات الاستعمارية حيث أن أول ما قام به الغزاة و قادة الحملة الفرنسية هو إصدارهم لجريدة لتزويد رجال الحملة بالأخبار حيث يقول زهير احدادن " أول جريدة ظهرت في الجزائر هي : lestafet  التي أعدت داخل البواخر الاستعمارية التي غزت الجزائر سنة 1830 sidi frradj  (1) .



(1) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلام و التصال .... ديوان المصبوعات الجامعية الجزائر ط 2 1993 ص 91

و نضرا لما تكتسيه الصحيفة كوسيلة إعلامية هامة و دور كبيرين في التأثير و السيطرة على عقول الشعوب و توجهاتهم و أرائهم عمل المستعمر على إنشاء إصدار عناوين عديدة و قد سخرت لذلك إمكانيات مادية و بشرية ضخمة هذه العناوين التي تكتب باللسان الفرنسي و التي لها توجه استعماري عرفت تزايد مستمر م جميع النواحي خاصة تعدد العناوين .
" و بقي واقع الصحافة الجزائرية سواء الصادرة باللغة العربية أو الفرنسية على   هذه الحال حتى سنة 1944 حيث و في هذه السنة أعطيت بعض الحقوق المدنية للجزائريين من طرف الجنرال ديغول فزالت شيأ ما هذه العرقلة (1)
و في هذه الأثناء و بعد التخفيفات التي قامت بها السلطات الاستعمارية في قطاع الإعلام صدرت عدة جرائد نذكر منها تلك العناوين التي ظهرت خاصة في الشرق الجزائري منها المنتقد بقسنطينة في سنة 1925 كذلك الشهاب في نفس السنة و التي كان يديرها عبد الحميد بن باديس ابتداء من سنة 1929 لتتحول إلى مجلة ثقافية دينية إصلاحية سرعان ما تراجعت   السلطات الاستعمارية عن إجراءات التخفيف أثناء الحرب العالمية الثانية لتقويم بمصادرة و توقيف كل تلك الصحف باستثناء التي توزع في الخفاء حيث كان للأحزاب السياسية التي تنشط أنذاك جرائد ناطقة باسم كل هذه الأحزاب و من بين هذه الجرائد السرية نذكر " الجزائر الجمهورية " التي كانت تصدر عن الحزب الشيوعي الجزائري و في ذلك الوقت " ثم صدرت بعد الحرب






 (1) د/ زهير احدادن : الصحافة الاسلامية الجزائرية م بدايتها إلى 1930 مرجع سابق 38/39


جريدة الجزائر الجمهورية و كانت تصدر باللسان الفرنسي لما كان يسمى في الجزائر بالحرب الشيوعي الجزائري (1)
و كانت   في نفس الوقت جرائد كثيرة إلا أنه محضورة من طرف السلطات الفرنسية و بالتالي فهي تصدر خفية و من بين هذه الجرائد يذكر الزبير سيف الإسلام في كتلبة العلام   و التنمية جريدة الجزائر الحرة التي تصدر باللسان الفرنسي هذه الجريدة كانت تصدر خفية و ممنوعة لكونها تمثل وجهة نظر الحركة الوطنية التي كانت تحضر للثورة المسلحة بالإضافة إلى هذه الجرائد لا يمكننا ان نغض النظر عن تلك المنشورات التي كانت توزع داخل و خارج الوطن و كذلك الجرائد التي كان يصدرها حزب الشعب على غاية سنة 1954 .
"... و كان ذلك بداية للصحافة الاستعمارية باللغة الفرنسية عرفت ازدهارا كبيرا لم ينته سنة 1962 " (2).
ومن هنا يتضح أن الصحافة الاستعمارية باللغة الفرنسية عرفت تطور خلال ربع قرن من حيث العناوين و لكن و لانتشار الأمية بشكل واسع وضعف القراءة باللغة الفرنسية عمل المستعمر على إصدار جرائد ناطقة باللغة العربية خدمة لمصالحة و المتعاملين معه حيث اسند التحرير لبعض المستشرقين المستوطنين و بعض الجزائريين الذين يخدمون مصالحة حيث " ظهرت جريدة باللعة العربية في الجزائر يوم 15 سبتمبر 1948 بعنوان   المبشر و التي تمثل الورقة الخبرية الرسمية الجزائرية تصدر مرتين في الشهر " (3)
وظهرت عناوين متعددة من هذه الجرائد التي تصدر باللغة العربية و تخدم المصالح الاستعمارية و لكن الشيء الملاحظ أن هذه الجرائد لم تلق رواجا نظرا لتوجهها و كذلك ضعفها من جميع النواحي .



(1) الزبير سيف الاسلام : الاعلام و التنمية في الوطن العربي الجزائر ط 2 1982 ص 43
(2) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلام و الاتصال مرجع سابق
(2) د/ زهير احدادن : الصحافة الاسلامية الجزائرية من بدايتها إلى 1930 مرجع ص 22

أما الصحافة الجزائرية النضالية و المناهضة للاستعمار فإنها لم تظهر إلا بعد فترة من الزمن و ذلك راجع للاضطهاد و القوانين التعسفية التي وضعتها سلطات الاحتلال و ذلك انطلاقا من المادة السادسة من قانون الإعلام الفرنسي الخاصة بالمتصرف أو المسؤول الشرعي عن الجريدة حيث تتطلب منه أن يتمتع بجميع حقوقه المدنية و أن لا يكون محكوما عليه و هذه الحقوق لا يتمتع بها الجزائريين طبعا .
و لكن في المقابل عمل بعض الجزائريين على إصدار عدة جرائد مع إسناد   إدارتها إلى بعض المستوطنين و في هذا الصدد نستطيع أن نذكر جريدة المنتخب " جريدة أسبوعية تصدر باللغة الفرنسية و العربية مديرها بول أنيان مورا كانت أول جريدة اهتمت بشؤون المسلمين الجزائريين السياسية " (1) .
و بعد الاندلاع الثورة الجزائرية ازداد الاهتمام بالجانب الإعلامي بصفة عامة حيث كثرت في هذه الأثناء عدد المنشورات التي توزع من قبل أعضاء الحركة الوطنية لكن الملاحظ في هذه المرحلة الجديدة من تاريخ الجزائر هو تمركز العمل الاعلامي و الصحفي بصفة عامة بيد الحركة الوطنية ( حركة جبهة التحرير الوطني ) التي عمل رجالها على إنشاء جرائد ناطقة باسم الحزب و ذلك بالاعتماد على الكفاءات التي تكونت من قبل " و رأي رجال جبهة التحرير الوطني أن يصدروا في سنة 1956 جريدة المجاهد في طبعتين أحدهما بالعربية و أخرى بالفرنسية " (2)
هذه الجريدة   التي كانت تطبع بإمكانات جد متواضعة كان لها دور و تأثير كبيرين على الصعيدين الوطني و الدولي حيث كانت تستعمل في توعية المواطنين و تجنيدهم للكفاح المسلح كما حملت مع وسائل الإعلام التي كانت تستعملها الثورة الجزائرية آنذاك لإشعار الرأي العام الدولي بعدالة وحقيقة الثورة الجزائرية المجيدة .



 (1) د/ زهير احدادن : الصحافة الاسلامية الجزائرية من بدايتها إلى 1930   ص 23
(2) د/خلي الإصابات : الصحافة الاسلامية الجزائرية من بدايتها إلى 1930   ص 115

المطلب الثاني : تطور الصحافة المكتوبة بعد الاستقلال :
إن الجزائر كدولة بعد الاستقلال كان لها شعور قوي بمكانة وسائل الإعلام    الجماهري بصفة عامة و الصحافة المكتوبة بصفة خاصة نظرا للدور الذي تستطيع أن تقوم به هذه المؤسسة في تشييد و تنظيم المجتمع و كذلك في التوعية و دفع عجلة التنمية بالتأثير على الجماهير و تجنيدهم لذلك عملت الجزائر المستقلة على رسم الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها و تغيير اتجاهه من إعلام حربي إلى إعلام في خدمة التنمية " و هنا بدأت عملية تحويل الإعلام و الصحافة في الجزائر من إعلام حربي إلى إعلام بناء و تشييد المجتمع " (1)
و انطلاقا من هذه الإستراتجية لتي رسمتها الحكومة الجزائرية المستقل عملت على فرض سيطرتها على القطاع الحساس و بالتالي قامت مباشرة بعد الاستقلال بتأميم و مصادرة هذا القطاع انطلاقا من مصادرة الصحف التي كانت موجودة في الجزائر التي يقوم بتمويلها و إدارتها الأجانب حيث " ففي سنة 1963 اجتمع المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني و قرر تأميم هذه الصحف باستثناء ALGERIE REPUBLICAN التي كان يسيرها أشخاص يتمتعون بالجنسية الجزائرية " (2)
من هنا يتضح أن العمل قامت به السلطات الجزائرية هو استرجاع و تأميم الصحف الأجنبية و فرض سيادتها على قطاع الاعلام و الصحافة لكن هذا لم يمنع من إبقاء بعض العناوين التي يتملكها الخواص الذين يتمتعون بحق المواطنة و الجنسية الجزائرية .
و يرجع ذلك أو يتجلى ذلك " في استمرار قانون الاعلام الفرنسي الصادر سنة 1881 الذي ينص على الملكية الخاصة للصحافة " (3)
و لكن الحكومة الجزائرية و بتبنيها للنظام الاشتراكي عملت على إقامة نظام اشتراكي في مجال الإعلام و بالتالي الهيمنة و فرض السيطرة على النشاط الإعلامي


(1) الزبير سيف الاسلام : الاعلام و التنمية في الوطن العربي مرجع سابق ص 43  
(2) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلام و الاتصال مرجع سابق ص 96  
(2) د/ زهير احدادن : نفس المرجع السابق   ص 97
    
و على مختلف المؤسسات الإعلامية بما فيها المؤسسات الصحفية ودور النشر فقامت   بإصدار صحف تابعة للدولة و ناطقة باسم الحزب خدمة للسياسة و الأهداف العامة للحكومة و كذلك لمنافسة الصحف التابعة للقطاع الخاص و في هذا الصدد و بالإضافة إلى صحيفة المجاهد الأسبوعي التي دخلت إلى أرض الوطن بعد الاستقلال مباشرة ظهرت هناك صحف يومية للمرة الأولى "... ففي 19 سبتمبر تظهر اليومية الجزائرية الأولى   التابعة للدولة الفرنسية و هي تحمل اسم الشعب ثم صـــــــدرت LE PEUPLE    عندما بدأت تظهر يومية أخرى باللغة الغربية في 11 ديسمبر 1962 و هي تحمل كذلك اسم الشعب " (1)
لكن الشيئ الملاحظ على السياسة الجزائرية في المراحل الأولى من الإستقلال لم تهتم بالعمل الصحفي على مستوى وطني فقط بل تعدى ذلك باصدار جرائد على المستوى الجهوي هذه الصحف الجمهورية و الوطنية كانت موجهة أساسا للمساهمة في التنمية و التعبئة لخدمة البلاد و ازدهارها و ترسيخ مبادئ جبهة التحرير الوطني أما الهيمنة الكلية للحكومة على العمل الصحفي فإنه يتجلى بعد مؤتمر جبهة التحرير الوطني الذي إنعقد سنة 1964 الذي أوصى بإجراء مفاوضات مع مسؤولي يومية ALGER   REPUBLICAN          حتى يتم إدماجها في الصحف الحكومية و توقفها في 19 جوان 1965 و تمت بذلك هيئة الحكومة على الصحف اليومية و بتأسيس الشركة الوطنية للنشر و التوزيع سنة 1966 حيث لم يلاحظ بعد ذلك اصدار أي جريدة خاصة   بالرغم من عدم و جود أي قانون يمنع ذلك بهذه العملية تكون الحكومة الجزائرية قد أرسلت نظام إعلامي قائم على هيمنة الدولة على المؤسسات الصحفية على المستوى الوطني الجهوي و تسخيرها في تعبئة الجماهير في خدمة و ترسيخ مبادئ حزب جبهة التحرير الوطني و إخضاعها للمركزية بحلول 1976 "... فبدأت بتأميمها ثم أخضعتها للمركزية بحلول سنة 1976 و هو تاريخ صدور الميثاق الوطني الذي حدد المهام الأساسية للإعلام و مبادئ و وساؤله المختلفة في العمل على تعبئة الجماهير لخدمة البلاد " (2) .
(1) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلام و الاتصال مرجع سابق ص 96  
(2)   مجلة الإعلام و الاتصال : معهد العلوم الإعلام و الاتصال الجزائر العدد 9     1992
نفس هذا الطرح نجده في الإعلام المنبثقة عن المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 1979 حول تدعيم مواقف الحزب و العمل على نشر أفكاره و تبسيطها لكافة شرائح المجتمع و تعزيز الحملات الإعلامية ضد أي موقف أو رأي يتنافى و مبادئ الثورة .
فلقد تميزت المرحلة الممتدة من 1962 إلى 1988 بالهيمنة الكلية للدولة الجزائرية على المؤسسات الإعلامية خاصة الصحافة و ذلك بمراقبة و توجيه الصحافة و في هذا الصدد يقول الأستاذ براهيمي في رسالة دكتوراه الدولة : " السلطة و الصحافة في الجزائر "
" إن الفترة الأولى من الاستقلال 1962-   1965   تميزن بتسيير السياسيين لوسائل الإعلام و انطلاقا من سنة 1965 تولى موظفون إداريون المسؤولية " (1) ,
 إلا أن السياسة الجزائرية في الإعلام تضمنت جوانب سلبية تتمثل في كون الجمهور لا يجد ما يطلبه أو يلبي رغبة بل كان الإعلام اداة في خدمة الحزب إذ كان المصدر الأخبار في هذه الفترة ينبع من جهة واحدة " الحكومة " كما أن البيروقراطية تطغى على القائمين بالإعلام الأمر الذي نتج عنه أسلوب رديء و معلومات ناقصة الموضوعية .  









 (1)   مجلة الإعلام و الاتصال : معهد علوم الإعلام و الاتصال   ص 56 /57


المطلب الثالث : الصحافة الجزائرية بعد أحداث اكتوبـــــر 1988
ان استعرض تطور الصحافة في الجزائر منذ الاستقلال يوضح بما لا يدع للشك السيطرة التي فرضت عليها من طرف السلطة   فقد تم توجيهها لخدمة أهداف معينة و سلطت الرقابة على كل مل يخالف في أرائه و توجيهاته النظام السياسي القائم و قد دامت هذه الوضعية حتى صدور دستور 1989 الذي أسس الديموقراطية و فتح مجال التعددية السياسية في البلاد .
و إذا كان الدستور قد وضع الأطر القانونية الكبرى لهذه التعددية و منه حرية التعبير فإن أحداث أكتوبر 1988 تمثل معلما هاما في تاريخ الجزائر المعاصرة و دفعت السلطة على فتح مجالات التعبير و الإبداع و ذلك باعتبارها   صرخة للمطالبة بالتعبير على المستويات و رفع الحواجز المعنوية و القانونية أمام ابداء الأراء و تبادلها بين جميع المواطنين و قد جاء في المادة 39 بان حريات التعبير و إنشاء الجمعيات و الاجتماع مضمون للمواطن و هنا يبرز الارتباط الوثيق بين التعددية السياسية و حرية التعبير تمثل مؤشر هاما و مجالا مناسبا لإبداء الرأي و تبادل الأفكار و الدفاع عن الاتجاهات السياسية .
و لأن الدستور لايمثل إلا إطارا عاما كان من الضروري و ضع قانون يحدد المهنة بعد أن أصبح القانون القديم لا يتماشى و الواقع الجديد الأمر الذي استدعى إصدار القانون رقم 90/07 الذي يحدد قواعد و مبادئ ممارسة حق الإعلام (1) .
و الذي واجه نقد كبير من طرف الصحفيين عامة إذ أنه لم يركز إلا على الجانب العقابي و الذي ينتظر الصحافي إذا تجاوز الحدود الموضوعية في هذا القانون و التي اعتبرها أصحاب المهنة في عمومها غير دقيقة و ترتكز على تفسير المصلحة العليا للبلاد حسب رأي السلطة و لقد عرفت هذه السنوات الأخيرة ظهور تعددية إعلامية   خاصة في الصحافة المكتوبة التي ساهمت في التعريف بمختلف الاتجاهات السياسيـة



 (1)   قانون الإعلام : المركز الوطني لوثائق الصحافة و الإعلام 1 شارع موريس اودان الجزائر 91

في الجزائر و أعطت الموثقين الصحافيين خاصة و المواطنين عامة فرصة في الإعلام و الترقب منه بإبراز مشاكل و طموحات تحاول جاهدة لأداء دورها في المجتمع .
" و قد شهدت الصحافة المكتوبة تطورا ملحوظا تجسد في ظهور حـــــوالي 140 عنوان و ساعدها على ذلك المرسوم التنفيذي الصادر في مارس 1990 و المتضمن دفع أجور ثلاث سنوات لصحفي القطاع العمومي الراغبين في إنشاء صحفهم الخــــــاص..... (1)
و على الرغم من المجهودات التي بذلتها الصحافة المكتوبة للقيام بوجباتها إلا أنه من الصعب إخراجها فجأة من وسط إعلامي تابع للدولة على نشاط صحفي يتميز بالإستقلالية التامة عن الحزب الواحد إذ لم تكن الساحة الوطنية تعرف هذا النشاط فكان كل صحفي يحاول البحث عن اكبر قدرة من الحرية التي تمكنه من ممارسة مهنية رفيعة لكن رغم التفاؤل الكبير الذي يغمر الصحفيين الجزائريين فقد واجهوا الكثير من المشاكل و التي تتمثل فغي :
1- نقص المواد الأولية و مستلزمات الطبع :
إذ أن النسبة الكبيرة منها تشتري من الخارج خاصة الورق و التي يتم استرادها بالعملة الصعبة 90 % (2) .
و كذلك بالنسبة للمطابع فهي ملك للدولة و نظرا لعدم وجود مطابع خاصة فإن هذه المطابع القليلة جدا تتصرف كما تشاء و هذا يهدد بتوقف بعض الجرائد .
2- رفع تسعيرة الطبع :
بعد أن قرر دفع ثمن سحب العدد واحد من 2.20 إلى 3.60 و ذلك لانخفاض قيمة الدينار الجزائري أصبحت بعض الصحف مهددة بالتوقف بالإضافة إلى أن هذا القرار حول العمل الإعلامي إلى عمل تجاري محض .


 (1 ) ,   (2) النصر : العدد 3635/0/01/1992
3- تقلص عدد الصفحات و خفض نسبة السحب :
إذا انخفضت صفحات بعض الصحف فأصبحت لا تنشر كل الأخبار التي بحوزتها بل تتعرض لعملية الانتقاء " بالإضافة إلى أن المواضيع المقرر نشرها لم تعد بنفس الطول إذ لم تصبح للصحفي الحرية الكاملة في تحرير موضوعه في المساحة التي يتطلبها الموضوع فهو مقيد بالمساحة التي تخصص له و بالتالي فقد حرم القارئ من عمق الطرح و التحليل الذي يلم بالمعالجة الواقعية للموضوع ......" (1) .
4- التوزيــــــع :
على الرغم من بروز المؤسسات الخاصة للنشر و التوزيع للقيام بهذه العملية إلا أنهم عجزوا على ذلك لكثرة عدد العناوين من جهة وقلة الإمكانيات المتاحة من جهة أخرى .
 و يمكن أن نقسم الإعلام عامة و الصحافة المكتوبة خاصة بعد 1988 إلى مرحلتين متبادلتين هما مرحلة ما قبل الانتخابات أين برزت أقلام تتحري الموضوعية نوعـــا مــــــــــــــا .
واستطاعت أن تصل إلى ضمير القارئ الجزائري إذ عملت على معايشة مشاكله اليومية و ذلك من خلال المواضيع التي طرقتها و مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية أين تحولت مرة أخرى إلى إعلام موجه " الحقيقة عندما نتحدث عن الإعلام في ظل التعددية يجب أن نسلط الضوء على مرحلتين مرحلة ما قبل الانتخابات و مرحلة ما بعد الانتخابات أما إذ تحدثنا عن   ما بعد الانتخابات فهي وسائل إعلامية موجهة أو على الأقل حيادية بعيدة عما يدور في الساحة و بالتالي نحن لا نملك إلا الاتجاه المهادن للسلطة .



(1)   المساء الصفحة الأخيرة العدد 1751


و من خلال تطرقنا إلى موضوع الصحافة المكتوبة بعد 1988 يمكن أن نقول أنها ورغم المشاكل و الضغوطات التي تواجهها من ناحية الإمكانيات من جهة و كذلك ظروف الأزمة الحالية التي تمر بها الجزائر في جميع النواحي – تجربة رائدة رغم قصر مدتها و إن كان هناك بعض الضعف فإنه يعود إلى إنعدام النضج بحكم التجربة القصيرة التي خاضتها الصحافة " و أن مستقبل الصحافة المكتوبة في الجزائر سيتطور و هذه الفوضى ستزول خاصة عندما تتشكل هناك نقابات مثلما هو الحال في الغرب " (1)    




 (1) أبو الكعيبات إدريس : رئيس تحرير جريدة النصر مقابلة يوم 23/02/1995       
(2)   يوسف أوغليسي : شعاع الرؤية ملف العدد الإعلام الجزائري في ظل التعددية العدد 23 من 12 إلى 25 أفريل 1994

0 التعليقات:

إرسال تعليق

||

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

عنواني على الفايس بوك:

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...



Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More