**الســلام عليكـم**

ابحث عن موضوعك في موقعي هنا

ترجمة/Translate

الاثنين، 8 ديسمبر 2014

مسعود زڤار من بائع حلويات إلى أول عربي يصنع السلاح

عندما زار الرئيس السابق الشاذلي بن جديد الولايات المتحدة الأمريكية، في عهد الرئيس الأمريكي ريقان التقى جورج بوش الأب، وكان حينها يشغل منصب نائب الرئيس، قال بوش للشاذلي "بلغ سلامي لصديقي مسعود زڤار"، ولما زار الرئيس الراحل هواري بومدين الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1974 والتقى بالرئيس ريشار نيكسون، فإن المتكفل الرئيسي بهذه الزيارة، والمكلف بتحضيرها رجل اسمه مسعود زڤار.
وعند الحديث عن الرجل الذي "صفع" فرنسا فمهد لتأميم المحروقات وزعزع المصالح الفرنسية في الجزائر يطفو اسم مسعود زڤار، الذي كان العدو الأول لفرنسا في الجزائر، وعند السؤال عن الأصدقاء الأوفياء للرئيس الراحل هواري بومدين نجد المرحوم مسعود زڤار في الطليعة، وعند الحديث عن الاستخبارات الجزائرية في عهد الرئيس الراحل بومدين، فإن الملفات التي تحمل عبارة سري للغاية كانت من إمضاء مسعود زڤار... هذه الحقائق ليست سوى جزء من عالم صنعه الزعيم المجاهد زڤار لنفسه ووظفه لخدمة وطنه إبان الثورة، وبعد الاستقلال، من خلال نشاطه الاستعلامي الذي انفرد به، وشكل به طفرة لم يسبقه إليها أحد. 
يعتبر الراحل مسعود زڤار ظاهرة نادرة في الشق الخفي لتاريخ الجزائر قبل وبعد الثورة، ونقول خفي لارتباطه بالجانب الاستخباراتي الذي يعد بمثابة الحلقة المفقودة التي كانت تصنع القرار من دون الظهور على سطح الأحداث، الكثير من الأسئلة لا تزال من دون أجوبة، وفي الذكرى 88 لميلاده، تحاول الشروق نفض الغبار عن بعض من ذاكرة "الرجل اللغز". 
فالرجل في نظر العارفين يعتبر مؤسسة لها مكانتها في صناعة القرارات المتعلقة بالدول، والسياسات الخارجية، والتوجه العام للأنظمة، فهو من الرجال الذين عاشوا في الظل ورحلوا في صمت، لكن بين الظل والصمت حقائق تهز كيان دول. فالجزائر ثوريا عرفت رجالا من طينة الكبار، لكن بالنسبة لمسعود زڤارفهناك ثورة غير تقليدية، وبعد آخر لمفهوم الكفاح والنضال، فإذا كان وقود أي ثورة هو التسليح، فزڤار شذ عن الممولين للثورة الجزائرية بالسلاح الروسي المتمثل في الرشاش، والمسدس والقنبلة اليدوية، ومختلف الصناعات الروسية في هذا المجال والتي كانت تشترى وتدخل الجزائر خفية، بينما مسعود زڤار قام بإنشاء مصنع للسلاح بالمغرب من أجل تسليح الثورة الجزائرية، وهي التجربة التي تعد الأولى من نوعها في العالم العربي وفي العالم الثالث، وهو أول من اشتغل في صناعة العتاد الحربي. وهي ثمرة رجل بدأ نضاله بمدينة العلمة بولاية سطيف التي كانت مهدا الزعيم  الذي أتعب من حاول تقليده. 

من حلواجي إلى أول عربي يصنع السلاح
مسعود زڤار ولد بتاريخ 8 ديسمبر 1926 من عائلة ثورية فقيرة، درس المرحلة الابتدائية بالعلمة، واشتغل مع والده في مقهى ثم في بيع الحلوى، وبدل أن يواصل هذا النوع من التجارة فكر في صناعة الحلوى بدل الاكتفاء بشرائها وبيعها، وفعلا نجح في إنشاء ورشة لصناعة الحلوى كانت تعرف باسم البرلينغو. فكانت الورشة بمثابة معلم لميول رأسمالية لشاب يتقن حرفة كسب المال.
  وتزامن ذلك مع نشأة حركة نضالية بمدينة العلمة بقيادة جيلاني مبارك، الذي كان يرأس قسمة حزب الشعب والذي اشتهر بنضاله منذ أربيعينات القرن الماضي. وكان مسعود زڤار من الشباب الذي انخرط في النشاط الكشفي بالعلمة والنضال السياسي وكلفه ذلك السجن سنة1945،  ليستفيد سنة 1946 من عفو البرلمان الفرنسي.
في جوان 1956 التحق بمركز قيادة الولاية الخامسة بوجدة، أين تعرف على هواري بومدين، ونشأت بين الاثنين علاقة صداقة متميزة. لتبدأ مغامرة مسعود زڤار، الذي اشتهر باسمه الثوري رشيد كازا نسبة إلى مدينة الدار البيضاء، وهي التسمية التي أطلقها عليه بوصوف الذي كلف زڤار في نفس السنة بإنشاء المصلحة الخاصة بسلاح الإشارات، وعهد لها تزويد جيش التحرير الوطني بالأسلحة.
 وهي من أصعب من المهام في تلك الفترة والتي بدأها رشيد كازا من المغرب، وبفضل العلاقات التي كونها مع ضباط أمريكيين مقيمين بالقاعدة العسكرية الأمريكية الكائنة بمنطقة النواصر المغربية، حيث تمكن بدهاء كبير من الحصول على أجهزة اتصال لاسلكي، وقام بعدها بجولة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإيطاليا وألمانيا ليوسع علاقاته بالممولين بالسلاح عبر العديد من المناطق.
 في جويلية 1956 يعود إلى قائده بوصوف فيفاجئه باقتراحات جريئة تتعلق بإمكانية تدعيم الثورة بأسلحة متنوعة وأجهزة راديو، كما نجح في اختراق القاعدة الأمريكية بالمغرب، وأصبح يشكل مصدرا استخباراتيا مهما وممولا للثورة بالسلاح، وأجهزة الاتصال، بما فيها الجهاز الذي استعمل في البث الإذاعي لصوت الجزائر بالناظور. وبإتقانه الإنجليزية نجح زڤار في تكوين علاقات مع شخصيات أمريكية، وحتى أعضاء بالكونغرس، وحسب صديقه جيلاني الصغير، فإن زڤار نجح في ربط علاقات بمحيط الرئيس الفرنسي ديڤول، وكان يوظف كل هذه العلاقات في خدمة الثورة الجزائرية. فكان لبنة أساسية في الاستعلام الحربي، وكان يزود قيادة الثورة بالمعلومات ويتصل مباشرة ببوصوف وبومدين.
علاقات زڤار توسعت إلى أن نجح في إنشاء مصنع للأسلحة بالأراضي المغربية، فظاهريا المصنع يبدو مختصا في صناعة الملاعق والشوكات، وشغل فيه عمال أجانب خاصة من المجر، لكن المستودعات الخفية فخصصت لصنع  قاذفات صواريخ"البازوكا".
ولداوع أمنية، أبقى زڤار على السرية في نشاط مصنعه، فكان التشغيل به يقتصر على مقربيه من العائلة، ومن أبناء مدينته العلمة أمثال جيلاني الصغير وزڤار عبد الله ومنصوري خالد وزڤار عبد الحميد، ومزنان علي وغيرهم. وكان هؤلاء يشرفون على تركيب قطع الغيار التي يستقدمها زڤار بطريقته الخاصة من أمريكا. وهي الطريقة التي ظلت مجهولة ولا يعلمها حتى المقربون منه.
و كان زڤار يؤمن بأن أي حركة ثورية يجب أن تقوم على عاملين اثنين، أولهما المعلومات التي كان يستقيها من كل مكان، وبلغ به الأمر حد التجسس على محيط ديڤول، وثانيهما المال الذي تحصل عليه بتوسيع نشاطه التجاري، وتنمية ثروته التي خصصها لخدمة القضية الوطنية. وهناك عامل آخر جسده زڤار بإتقان ويتعلق بسرية التنظيم فلم يكن يخبر أحدا بما يفعل أو بما في نيته، وحتى أمين سره ورفيقه الدائم صغير جيلاني الذي التقيناه، لم يكن يعلم من أسرار زڤار إلا القليل، ويقول إن الرجل كان متحفظا للغاية، ويملك حسا أمنيا لا يتحلى به أي شخص آخر.
وعلى سبيل المثال لم تتمكن أي شخصية من قيادات الثورة من زيارة مصنع السلاح ما عدا صديقه هواري بومدين، وكان ذلك في سنة 1961 وسبق له ذات مرة في حديث له مع فرحات عباس أن أخبره هذا الأخير بأنه منبهر بالأسلحة التي تأتي من المغرب، ويتعجب كيف لا يعلم مكان هذا المصنع فيجيبه زڤار ضاحكا "لو كنتم تعلمون بمكانه ما وصلتكم كل هذه الأسلحة ولكنا جميعا في السجن"، وعند الاستقلال، يقول جيلاني صغير بأنه بقي مع بعض الرفاق بالمصنع لبضعة أسابيع، ثم أمرهم مسعود بالدخول بعد تفكيك المصنع، وردم آلياته تحت التراب لتنتهي بذلك قصة هذه المؤسسة التي أدت مهمتها بنجاح.

علاقات تمتد إلى قلب أمريكا وثروة تفوق ميزانية دولة
وبعد الاستقلال خلع زڤار قبعة العسكري المجند، وفضّل الخروج من الجيش ليعود لنشاطه كرجل أعمال، فأصبح يتكفل بطعام ولباس الجيش الوطني، وكان يشرف على تسيير عدة مصانع لإنتاج الحلوى واللبان والمصبرات، والعجائن، كما أصبح وسيطا بين الدولة الجزائرية، ومختلف الشركات الأجنبية، ولم يتوقف عند هذا الحد بل وسع نشاطه إلى عدة دول عربية وإسلامية كالعراق والسعودية، ومصر وليبيا وإيران، وسوريا.
وحسب جيلاني صغير، فإن الرجل أصبح يشتري البترول من دول الخليج ويصدره إلى الدول الأمريكية والأوروبية، وطبعا بهذا النشاط تمكن من تكوين ثروة هائلة، ويقول البعض بأن رأسماله في السبعينات فاق  ملياري دولار. وهي الثروة التي تفوق ميزانية دولة في تلك الفترة.
وبالرغم من التوجه الاشتراكي للجزائر في الستينات، والسبعينات، إلا أن مسعود زڤار كان يميل دوما نحو الرأسمالية، فقد تنبأ بسقوط الاشتراكية، والاتحاد السوفياتي، وكان موقنا بأن الهيمنة العالمية ستكون أمريكية، ولذلك كان تعامله مركزا أكثر على الولايات المتحدة الأمريكية التي يرى فيها القوة الفعلية التي  فرضتها الأوضاع الدولية، فكان بمثابة عين بومدين في أمريكا، وظل الوضع كذلك بالرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والولايات المتحدة بعد الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1967، وبقي زڤار "الدبلوماسي السري" الذي له أيد في معظم الإدارات الأمريكية، وأهّله ذلك إلى تكوين شبكة من الاستخبارات جعلته يتحكم في المعلومات عبر العديد من الدول، وهذا مكنه من التعرف على أبرز الشخصيات كالرئيس السابق نيكسون الذي يقنعه مسعود باستقبال الرئيس هواري بومدين سنة 1974، ويتولى بنفسه التحضير للزيارة وضبط برنامجها.
كما كانت له علاقة مع كاسي المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية، وكذا رائد الفضاء فرونك بورمان الذي زار الجزائر بدعوة من مسعود، ويستقبل من طرف الرئيس هواري بومدين.
علاقاته امتدت أيضا إلى جورج بوش الأب قبل أن يصل إلى الرئاسة، والذي يصبح فيما بعد نائبا للرئيس ريغن، وقد كان جورج بوش الأب صديقا لمسعود، ولما زار الرئيس السابق الشادلي بن جديد الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ريغن التقى بجورج بوش الأب الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس وقال للشاذلي "بلغ سلامي لصديقي زڤار".
والحقيقة التي يجهلها الكثيرون هي إنقاذ الجزائر من هجوم أمريكي وشيك، وكان ذلك سنة 1967 خلال الحرب العربية الإسرائيلية، ففي الوقت الذي كانت الجيوش العربية في مواجهة مع الصهاينة، كان الأسطول السادس لأمريكا يحوم في البحر الأبيض المتوسط، وبالضبط في نواحي شرشال، وبفضل التحركات التي قام بها زڤار مع القيادة الأمريكية غادر الأسطول المكان، وتم تجنب الكارثة بسلام.

صفع فرنسا وأصبح عدوها الأول
ومن جهة أخرى، كان مسعود يدعو المستثمرين الأجانب خاصة الأمريكان إلى النشاط في الجزائر، واكتشاف السوق الجزائرية، وفعل ذلك مع الملياردير روكفيلر، كما كان وراء إبرام عقد مع شركة "البازو" الأمريكية من أجل شراء 10 ملايير متر مكعب من الغاز السائل على مدى 25 سنة، وهي العملية التي تعتبر من أكبر الصفقات الجزائرية في سنة 1969.
 كما كان مسعود وراء استفادة الجزائر من قرض يقدر بـ 300 مليون دولار قدم لها من طرف بنك يدعى"ايكسيم بنك" وكان ذلك من أجل تمويل مشروع مركب الغاز المميع بأرزيو، ومثل هذه العمليات مهدت الطريق لدى المسؤولين الجزائريين لبسط السيادة على الغاز، وتحريره من السيطرة  الفرنسية، وبذلك تم تأميم المحروقات بتاريخ 24 فبراير1971، حيث يؤكد بلعيد عبد السلام بأن عقد شركة "البازو" الأمريكية، وقرض "أيكسيم بنك" كانا عاملا مهما في تأميم 51 % من المحروقات.

من قتل رشيد كازا؟
بعد وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين تغير كل شيء بما فيها السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، حيث أعلن الرئيس الشادلي القطيعة مع كل الرموز البومدينية، وأصبح مسعود زڤار من الأسماء المستهدفة، ليتم القبض عليه من طرف رجال الآمن العسكري سنة 1983 ويودع الحبس المؤقت، بعدما وجهت له تهمة الخيانة والمساس بالدفاع الوطني والاقتصاد الوطني، فمكث في الحبس المؤقت مدة 33 شهرا، وبعد امتثاله أمام المحكمة العسكرية بالبليدة تحصل على البراءة، وكان كالزعيم داخل جلسة المحاكمة، حيث أثبت براءته وكل الشهادات كانت لصالحه، وفهم حينها زڤار أن العملية مدبرة. وقد تأثر صحيا من فترة حبسه ورغم نيله للبراءة لم يفكر إطلاقا في الانتقام، وهو الرجل الذي كان بإمكانه الاستنجاد بعلاقاته الخارجية لكنه رفض هذا الأمر.
وعند خروجه من السجن استأنف نشاطه بصفة عادية، وشاءت الأقدار أن يفارق الحياة بتاريخ 21 نوفمبر 1987، وكان ذلك بالفندق الذي يملكه بالعاصمة الإسبانية مدريد، أين كان جالسا رفقة العائلة، ولما صعد إلى غرفته سقط فجأة مغشيا عليه، ولم يستيقظ بعدها أبدا.
وحسب أخته، فإن وفاته كانت صدمة كبيرة، ومفاجأة غير منتظرة، لأن مسعود لم يكن مصابا بأي مرض، ولذلك ظلت وفاته إلى يومنا هذا لغزا محيرا، خاصة أن عملية الدفن تمت من دون تشريح الجثة. وأمام هذا الغموض ظل البعض يطرح سؤالا كبيرا من قتل رشيد كازا؟ ربما قد نكتشف الحقيقة يوما ما.
إعداد: سمير مخربش 

اقرأ المزيد

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

دولة بني حمادـ صفحة رائعة من التاريخ الجزائري

دولة بني حماد



استخلف آل زيري بن مناد الصنهاجي عن العبيديين المغرب الذي كان يشعل نارا بالفتن الناشئة عن النزاع القائم بين العبيديين والأمويين، وما كادوا يتغلبون على الأمويين حتى بدأ الخلاف بينهم، وبعد موت بولوغين تولى ابنه المنصور الحكم بدولته الزيرية وجعل حماد على رأس أشير والمسيلة) .حتى يرد هذا الأخير قبيلته زناته المتحالفة مع الأمويين.
بعد موت المنصور خلفه ابنه باديس الذي أبقى عمه حماد في عمله وأفراده فيه عام 387هـ، وكان باديس يستقدم عمه حماد على صبره ليطفئ الثورات، وفي سنة 395هـ خلفه لمحاربة زناته واشترط عليه حماد ولاية المغرب الأوسط وكل ما يتم فتحه على يديه، فقبل الشرط، وفي سنة 398هـ يختط حماد مدينته الجديدة (القلعة) وكان ينزل بها وبأشير.
هكذا ظل في المغرب الأوسط يقاتل زناته وينتصر عليها في أكثر من مرة فعظم صيته، وبلغ باديس فخشي أن يخرج عن طاعته وبعد تعيين المعز باديس 403هـ ولي للعهد لأبيه,أراد المعز أن يختبر حماد فأرسل إليه بأن يتنازل له عن مدينة قسنطينة والمدن المجاورة لها فأبى حماد ذلك ودخل في حرب أسفرت في الأخير عن تأسيس الدولة الحمادية.
كان آل زيري يبدون الولاء للعبيديين لكن الحقيقة كانت عكس ذلك وبدخول حماد قطع كل صلته معهم وادعى صراحة ولاءه لبني العباس.
وإثر هذا جهز باديس الجيش لقتال حماد الذي استطاع الانتصار عليه، فخرج باديس شخصيا لقتال عمه حماد فانتصر عليه حتى حاصره في القلعة.
وبينما كان حماد محاصراً، توفي باديس واستخلفه المعز، وسار المعز لقتال حماد سنة 408هـ وأخرجه من باغاي وجرح حماد واستطاع أن ينجو بنفسه(
مال حماد بعد هذه الواقعة إلى السلم وأرسل إلى المعز يعرض عليه طاعته فتم الصلح بينهما واستبقى المعز حماد على ملكه السابق.
وابتداء من 408هـ تفرعتصنهاجة إلى دولتين:
الدولة الزيرية التي حكمت في افريقية والدولة الحمادية التي تولت الحكم في المغرب الأوسط، هذا الوضع المتأزم والصراع الدائم على السلطة أدى إلى عقد اتفاقيات بين طرفي النزاع مما يؤكد أهمية الإحتماء، فسمح ذلك بإيجاد طرق دفاعية لحماية العاصمة الجديدة والتي سنوضحها لاحقاً.
1) حماد بن بلكين قبل بناء القلعة
أ) مولده ونشأته:
هو حماد بن بلكين بن زيري بن منقوش الصنهاجي، كان الرابع في ترتيب أبناء بلكين الصنهاجي وهو أول أمراء هذه الأسرة، لقد انفرد حماد بحكم معظم أجزاء الجزائر الحالية. نشأ حماد في بيت الخلافة الفاطمية)في المغرب بسبب كون أبوه وجده زيري اليد اليمنى للدولة الفاطمية، وهناك توضحت ملامح شخصيته وهو طفل صغير.و في جل الكتب التي تتحدث على حماد لا تتطرق إلى تاريخ مولده بشكل دقيق ولكن على حسب عبد الفتاح مقلد الغنيمي << فإن ولادته كانت قبل استقلال أبيه بلكين بحكم المغرب سنة 361هـ بعد سنوات ربما في أعوام 353هـ أو 354هـ<<.)(
ولقد تلقى في قصر الخلافة "الفاطمية" جميع مقومات الشخصية الإسلامية، إضافة لتعلمه فنون القتال والفروسية هذا ما جعله متميزا بين أخوته.
كان حماد على علم كبير بالقرآن الكريم وعلم الحديث ولكنه لم يكن ميالا لتعلم المذهب الإسماعيلي الشيعي)( لأنه كان مهتما بالجانب القتالي، وبرزت شخصيته على مسرح الأحداث في عهد أخيه المنصور بن بلكين سنة 373هـ/983م لما استعان به هذا الأخير لقتال زناته المنافسة لصنهاجة على حكم المغرب.
ب) أهم أعماله:
لقد لمع اسم حماد كقائد عسكري من خلال الحروب مع قبائل زناته حيث كان قائد للجيوش الصنهاجية في الجبهة الغربية للبلاد وقد وعده المنصور بأن يمنحه حكم البلاد التي يستخلصها من أيدي الزناته، ولأن الحروب معها كانت طويلة ومرتبطة مع بعضها البعض فاضطر حماد إلى اتخاذ أشير عاصمة له.)وفي عهد ابن أخيه ابن المنصور 386هـ/996م كان حماد يقوم بحماية حدود الدولة الغربية من هجوم الزناتة اضافة الى انه طيلة حكم ابن اخيه باديس ظل الرجل الثائر الاول و استطاع منذ 373 هـ حتى 363 هـ جمع اعوان له من مختلف البلدان للاطاحة بزناتة الشئ الذي ادى في سنة 395 هـ إلى عقد هدنة معها مما جعله في نفس العام بأخذ عهدا من ابن أخيه باديس بحكم جميع الأقاليم التي يفتحها، إضافة إلى أن بعض المصادر ترى أن نفس العام الذي أمر فيه بتخطيط بناء القلعة والتي ستصبح عاصمة له.
كما أنه قام بقتل الشيعة وإظهار السنة والمذهب المالكي وخلع نفسه من طاعة الفاطميين وإعلانه طاعته للعباسيين عام 405هـ، هذا العام نفسه الذي انتصر فيه على أخوه كرامة بن المنصور الذي كان تحت راية قوات المعز بن باديس.
ومن خلال هذه الأحداث كلها وامتلاكه إلى الأراضي الواسعة من نهر الشلف حتى نهر الملوية، رأى أنه من واجبه أن يقوم بتأسيس دولة ووضع عاصمة سياسية وبناء حصن يحتمي فيه من الأعداء.
لقد شهدت عاصمة الحماديين (القلعة) في عهد حماد ازدهاراً كبيراً من ناحية العمران إلى الناحية الحضارية، وكان عهده متميزا بكثرة البناء والتشييد وقوة الحكم وقد كان الفن المعماري فيها عبارة عن خليط من الفن العراقي والأندلسيكما عمل حماد على توطيد دعائم الدولة بتقريبه لرجال الفكر والعلم والدولة من مجلسه، إضافة إلى أنه كان يزيد من التوسع العمراني والزراعي للدولة،ويشجع على الهجرة إليها حيث نقل إليها أهل المسيلة وأولاد حمزة.
توفي حماد بن بلكين في شهر رجب من سنة 419هـ/1028م، عن عمر يناهز 100عام .
2) بناء القلعة وتأسيس الدولة:
أ- بناء القلعة:

بنيت قلعة بني حماد أو قلعة أبي الطويل في سنة 398هـ/1007 م على منحدر وعر، فوق سفوح جبل تكربوست على الحدود الشمالية لسهول الحضنة على مسافة 36كلم من المسيلة.
تميزت القلعة بمزايا إستراتيجية كبيرة أو أكثر من عاصمة الزيريين لأن حماد سارع لتحصينها وعمرها بسكان المسيلة وأولاد حمزة, إضافة أنها ازدهرت ازدهارا جعل منها قبلة لطلبة العلم، وبعد زحف عرب بني هلال على افريقية محط سكان القيروان فاضطر أهلها للتوجه إلى القلعة، ويرجع الفضل في تطويرها إلى هؤلاء.
ويذكر الإدريسي أن: <<....مدينة القلعة من أكبر البلاد قطرا وأكثرها خلقا وأغزرها خيراً وأوسعها أموالا وأحسنها قصوراً ومساكن....وهي في سند جبل سامي العلو صعب الارتفاع وقد استدار صورها بجميع الجبل ويسمى تكربوست وأعلى هذا الجبل متصل بسيط من الأرض >>.
يمكننا أن نتساءل لماذا لم تتخذ أشير كعاصمة للدولة الحمادية رغم ما عرفت به من إستراتيجية الموقع وحصانتها الطبيعية وكونها نقطة وصل بين الشرق والغرب,من افريقية إلى تيهرت وعلى الطريق التي تصل تلمسان بالأوراس. فيمكن أن يكون إبعادها كعاصمة إستراتيجية يعود لكونها منطقة آهلة بالحركة ثم أن القبائل الرحل الآتية من الشرق تهددها باستمرار، والمدينة تطل على أراضي زناته إلى جانب أن أشير كانت عاصمة الزيريين، كل هذا جعل حماد في اعتقادنا يبادر بإنشاء عاصمة جديدة ليبرهن في ذلك على استقلاله التام. كما أن الموقع الجديد يقع في موطن صنهاجة وهو يعرفه جيدا بأن طبيعته قاسية ومسالكه وعرة ويكمن حمايته بسهولة وبإعداد قليلة من الجند كونه موقع محصن طبيعياً.
ب- تأسيس الدولة:
بعد وفاة باديس بويع ابنه المعز 454هـ/1062م) كخليفة لوالده الذي واصل مشواره الحربي ضد حماد إذ بمجرد وفاة باديس، قام حماد بالزحف على أشير التي خرجت على سيطرته نتيجة خيانة أهلها وكان ذلك الوقت بها كرامة الوصي المؤقت على عرش افريقية بعد وفاة باديس، حيث تفاجأ بحماد على رأس قوة تعدادها 1500 مقاتل وقد انتهت
بهزيمة كرامة وعودته إلى القيروان.)(
وبعدها بعث حماد إلى باغاية أخاه إبراهيم ليلتقي بأيوب بن يطوفت ليحمل سلام حماد، ويعلن إليه أن ما حدث كان بقضاء الله (الحرب بينهما) وأنه وأخاه على طاعة المعز بن باديس وأخبره أن حماد يطلب الصلح منه، ويبعث له من يثق به من أجل أن يخلفه ويأخذ العهود المكتوبة ليطمئن، فصدقه أيوب وبعث معه أخاه حمامة وحبوس بن القائم بن حمامة وتبعهما غلام أيوب يورين، فغدر حماد بهم وجردهما من الثياب وألبسهم ثياب رثة، وقتل غلام أيوب الذي كان عنده أعز من الولد.)ثم زحف حماد لمحاصرة باغاية فبلغ الخبر بذلك المعز فزحف إليه وسارع بالعساكر إلى حماد وقاتله حتى هزمه وقتل أصحابه وأسر أخاه إبراهيم( سنة 408هـ/1017م.
ونتيجة لانهزام حماد وتفرق أصحابه عنه طلب الصلح من المعز, ولكن المعز اشترط عليه أن يبعث ابنه كضمان على صدق نواياه، فبعث حماد ابنه القائد عام408هـ/ 1017م فعقد له المعز الصلح، واستقل حماد بذلك بعمل المسيلة وطبنة ومقرة ومرسى الدجاج وسوق حمزة وزواوة، وزاد النويري عليها مدينة دكة
وهكذا انتهت الحرب بينهما وانقسمت صنهاجة إلى دولتين: دولة آل زيري ودولة بني حماد ملوك القلعة.
وهكذا نعتبر تاريخ 408هـ/1017م هو التاريخ الفعلي لتأسيس قلعة بني حماد بعد الاعتراف الزيري بها.
3) أمراء بني حماد قبل الانتقال لبجاية:
أ- عمر حماد بن بلكين 408-419هـ/1017-1028م:

يقول لسان الدين بن الخطيب أن حماد كان نسيج وحده وفريد دهره وفحل قومه، ملكا كبيرا وشجاعا، قد قرأ الفقه بالقيروان وناظر في كتب الجدل وأخباره المشهورة وهو الذي بنى القلعة المنسوبة إليه فاتخذ بها القصور العالية والقصاب المنيعة والمساجد الجامعة والبساتين الأنيقة ونقل إليها الناس من سائر البلاد،وهذا بعدما اشترط على باديس أن يحكم كل المناطق التي يفتحها ويستولي عليها من أيادي زناته خارج نطاق الدولة الزيرية، وتوصل حماد إلى الاتفاق مع باديس وهذا يعتبر بمثابة الوثيقة القانونية التي يستند إليها حماد للحصول على الاستقلال الكامل عن بني زيري بعد الحرب التي دارت بين طرفي آل زيري ثبت سلطان بنو حماد وآل باديس،(5)وهذا بعد انعقاد الاتفاق مع الأمير الزيري والاعتراف باستقلال الدولة الحمادية، وتوطد الصلح الذي
تم انعقاده بين الطرفين بتزويج المعز لأخته أمو العلو بعبد الله بن حماد في 415هـ، وبعد ذلك بأربع سنين توفي حماد وخلفه ابنه القائد.)ب- عهد القائد بن حماد بن بلكين 419-446هـ/1028-1054م:
تميزت فترة حكم القائد بالاستقرار وهذا بسبب انشغال المعز بن باديس عنه وهذا لمداهمته من طرف العرب.
وكان القائد سديد الرأي، عظيم القدر، وتحرك إلى محاربة حمامة بن زيري المعز المغراوي أمير مدينة فاس وكانت بينهما حروب أسفرت على موادعة وخلع القائد بني عبيد كما فعل ابن عمه وأدى ولائه إلى بني العباس إلى أن هلك سنة 446هـ فكان ملكه 27 سنة وولي بعده ولده المحسن.)تولى القائد الحكم بعد وفاة أبيه، وعين أخوه يوسف على المغرب وريغلان على حمزة، وزحف إليه حمامة بن زيري بن عطية ملك فاس من مغراوة سنة ثلاثين، فخرج إليه القائد، وأحس بذلك حمامة فصالحهوقد ساعدت عدة عوامل في استقامة أمر الدولة في الحقبة الأولى من عصر القائد بن حماد (419هـ-430هـ) إلى جانب جهود أبيه ومن أبرز هذه العوامل: أن القائد بن حماد قد لعب دورا فعالا في توطيد أسس الصفاء بين أبيه وبين المعز بن باديس، إذ كان السفير والرهينة التي بواسطتها تم الصلح، كما أن العلاقة بين المعز والفاطميين في القاهرة كانت تمر بفترة قلق واضطراب وكان هذا في مصلحة القائد
ج- عهد المحسن بن القائد 446-447هـ/1054-1055م:
بعد وفاة القائد تولى من بعده ابنه المحسن، فحسب ابن خلدون فإن محسن كان جبارا وخرج على عمه يوسف ولحق بالمغرب فقتل سائر أولاد حماد وبعث محسن في طلب بلكين ابن عمه محمد بن حماد وأصحابه من العرب، خليفة بن بكير وعطية الشرف، وأمرهما بقتل بلكين في طريقهما فأخبر بلكين بذلك وتعهدوا جميعا على قتل محسن، وفر إلى القلعة وأمسكوه وقتله بلكين لتسعة أشهر من ولايتهوهذا راجع إلى محسن الذي لم يأخذ بوصية أبيه، حيث أوصاه بالإحسان إلى عمومته، فلما مات أبوه خالف ما أمره به، وأراد عزل جمعا عظيما وبنى قلعة في جبل منيع وسماها الطيارة، وإن محسن قتل من عمومته أربعة، وإن هذا الأمير الحمادي لم يعمل على نصيحة أبيه، أي ألا يخرج من القلعة إلا بتمام ثلاث سنين، لكن محسن لم يكد يتولى الأمور حتى خالف الوصيتين معا فقد عزم على عزل جميع أعمامه فلما ثار عليه يوسف (عمه) عندما سمع على أمر عزله خرج من القلعة لمحاربته، وأن محسن امتاز إلى جانب استبداده برأيه، بالقسوة الشديدة ونتيجة لأعماله اغتاله ابن عمه بلكين بن محمد بن حماد، وعاد إلى القلعة فدخلها ليلا وملكها.
وكانت ولاية محسن ثمانية شهور وثلاثة وعشرون يوم د- عهد بلكين بن محمد بن حماد بن بلكين 446-454هـ/1055-1062م:
كان بلكين شهما وحازما شجاعا، جريئا على العظائم، سفاكا للدماء، ابتدأ بسفك دم وزير محسن، وكان كثير الغارة على المغرب،وعنه قال لسان الدين بن الخطيب: <<....كان بلكين أحد جبابرة الإسلام....> وبلغ بلكين من الغلظة والجفاء من قومه وإخافة أقرانه وأقربائه وعلا في الغدر منهم فقتل وسفك دماء الكثير ممن حامت حولهم الشكوك والظنون، وكانت من بين هؤلاء القتلى زوجته (تاضميرت) ابنة عمه وأخت الناصر بن علناس، الذي حقد عليه وأراد الانتقام منهوكان بلكين كثيرا ما يردد الغزو على المغرب وبلغه استيلاء يوسف بن تاشفين والمرابطين على المصامدة فنهض نحوهم سنة 454هـ ففر المرابطين إلى الصحراء وتوغل بلكين في ديار المغرب ونزل بفاس فاحتمى بأكابر أهلها وأشرافهم فانتهز منهم الناصر بن عمه الفرصة في الثأر لأخته وقتله في تسالهإن عهد الناصر بن علناس رغم تعرضه لبعض الصعوبات والمآمرات والهجومات إلا أنه استطاع السيطرة عليها وتحقيق نوع من الاستقرار لدولته، واتساع رقعتها الجغرافية.
هـ- عهد الناصر بن علناس 454-461هـ/1062-1088م:
ساءت العلاقات بين تميم وابن عمه الناصر في 457هـ، بسبب تدخل هذا الأخير في شؤون افريقيةوحسب ابن الأثير, أنه اتُّصل بتميم (قيل له) أن الناصر بن علناس يقع فيه في مجلسه ويذمه، وأنه عزم على المسير إليه ليحاصره بالمهدية وأنه حالف بعض صنهاجة وزناته وبني هلال ليعينوه على حصار المهدية، فلما صح ذلك عنده أرسل إلى أمراء بني رباح فأحضرهم إليه لمقابلة عساكر الناصرأما حسب ابن خلدون أن الناصر وابن عمه تميم تواقعوا بسببه فغدرت بهم زناته وجروا عليه وعلى قومه الهزيمة فانهزم الناصر بن علناس، وقتل أخوه القاسم وكاتبه ونجا إلى قسنطينة في أتباعه ثم لحق بالقلعة وبعث وزيره ابن أبي الفتوح للإصلاح فعقد بينهما صلحاًوفي هذا الموضوع أيضا تحدث صاحب الاستبصار أن العرب لما دخلوا إفريقيا وأفسدوا القيروان وأكثر مدن إفريقية وهرب منهم صاحب القيروان الصنهاجي وسكن بمدينة المهدية، وكان ابن عمه صاحب القلعة المنصور بن بلكين بن حماد أشد شوكة من صاحب القيروان وأكثره جيشاً فخرج لنصرة ابن عمه وجهز جيشا كبيرا فلقيه العرب بلحم سبيبة على مقربة من القيروان فكان بينهم يوم عظيم إن صاحب الاستبصار يقصد أن الناصر وليس المنصور قد أراد مساعدة أبناء عمومته في مقابلته للعرب وهذا ليس ممكنا لأن في تاريخهم المعروف أن علاقتهم تمتاز بالعداء أكثر من المهادنة والمساعدة وأن تاريخهم لموقعة سبيبة ليس بالمواجهة بين الناصر وأبناء عمومته، ومن هنا نقول أن ابن خلدون وابن الأثير اللذان يتحدثان على نفس الحادثة و بصفة صحيحة و واحدة هم الأصدق في ذلك، وإثر هزيمة الناصر في موقعة سبيبة بلغت الدولة كثيرا من السوء وقد أصبحت بلاد الجزائر مفتوحة أمام القبائل العربية، وبدأ كان الناصر سيفقد كل شيء وكان في يد الناصر لاسترجاع مكانة دولته وهيبتها، فسارع إلى كسب كلتا القوتين المناهضتين له كل من بني زيري والعرب، حيث يريد الاتفاق بينهما ضد العرب وبهذا العمل سارع تميم إلى إرسال رسول (محمد بن بعيع) أحد رجاله لإجراء وإتمام الصلح بينهما.
أما سياسة الناصر مع العرب هي سياسة التفريق عن طريق التحالف مع بعضها البعض ويبدو أن الناصر قد عمق صلته بقبيلة الأثبج) لكن ما لبث إن ظهر العرب على الحماديين فملكوا الضواحي وحجزوا العمال في المدن واختط الناصر بجاية فرارا منهم
وقدوم بني هلال سرعان ما وضع حدا لبناء القلعة التي ظلت مدة من الزمن نقطة الارتكاز الوحيدة بالنسبة للدولة الصنهاجية وبعد بناء بجاية بقيت المدينة باستمرار في مظهر العاصمة ولكن دورها أصبح ثانوياً

الكتاب

دولة بني حمادـ صفحة رائعة من التاريخ الجزائري
حجم الكتاب
3.692 ك.ب
عدد الصفحات 317 صفحة

صيغة الكتاب  
PDF

اقرأ المزيد

قلعة بني حماد

قلعة بني حماد
تعد قلعة بني حماد عاصمة ثاني دولة تقوم بالمغرب الأوسط (الجزائر) بعد دولة الرستميين الإباضية وتقع على بعد 20كلم شمال مدينة المسيلة ، وقد أسسها حماد بن بلكين بن زيري الصنهاجي البربري ، بعد أن استأثر بولاية الجزائر الشرقية في عهد الدولة الصنهاجية عام 1007 ميلادية ، بنيت القلعة الحصينة على سفح جبل المعاضيد ، وسط سلسلة جبلية وعرة لتكون صعبة المنال غير هينة المسالك ( بين عامي 1007 و 1008 م).




عرفت هذه العاصمة وقلعتها التي لم تصمد منها إلا منارة مسجدها وبعض بقايا أعمدة قاعة الصلاة ، حركة عمرانية نشيطة ، وقد شيدت بهذه العاصمة عدة قصور منها قصر المنار وقصر الملك وقصر السلام وقصر اللؤلؤة.
امتدت رقعة الدولة الحمادية على كل من إقليم الجزائرالحالية تقريبا والمغرب الأقصى وتونس ، وبقيت قلعة بني حماد عاصمة لها إلى غاية سنة 1062م حيث شهدت الدولة أوج توسعها ، ثم راح خامس ملوكها الناصر بن علناس ليقوم بنقل عاصمتها إلى بجاية التي أصبحت بعدها عاصمته الناصرية ، ولتسقط قلعة بني حماد بعدها مع الزحف الهلالي نتيجة نشوب خلافات بين حكامها
عام 1153 ميلادية.


اقرأ المزيد

الأحد، 30 نوفمبر 2014

الشهيدالبطل ديدوش مراد

الشهيدالبطل ديدوش مراد
مولده:
 مراد ديدوش الابن الأصغر لعائلة قبائلية،كان الوالد يدعي"أحمد" مكونة من ثلاثة أولاد  بالإضافة إلى الأم، تملك 
مطمعا شعبيا صغيرا وسط العاصمة بشارع ميموني، وكانت انتقلت إلى العاصمة في منتصف العشرينات
وفي الوقت الذي كانت الأم المرحومة   " فاطمة ليهم" تحمل في بطنها مراد، اشترى الأب قطعة أرض بشارع "ميموزا" بحي "لارودوت" LA REDOUTE والمسمى الآن بالمرادية تخليدا للشهيد.
وتمكنت العائلة من بناء المنزل قبل ازدياد الإبن الأصغر الذي جاء إلى الدنيا بإحدى غرفه، وكانت العائلة متفائلة بهذا المولود الذي يقال عنه أنه "مسعود" وأن الدرويش الذي يتردد إلى مطعم الوالد قد بشره.
وتشاء الأقدار أن يولد مراد في يـوم 14 جويلية 1927 والذي يصادف العيد السنوي للثورة الفرنسية، ولكن وطنية الأب واعتزازه بدينه وكرهه للاستعمار، وعملائه خاصة جعله يسجله بالبلدية على أنه ولد يوم 13 جويلية 1927 بدل الرابع عشر.
وتكون بذلك هذه الحادثة بمثابة درس لقنه الشيخ " أحمد" لابنه الأصغر في الوطنية التي كان أهل المداشر والقرى يعتزون بها وينتهزون الفرص لإبرازها في وقت ظن البعض أن الجزائر أصبحت فرنسية.
حـياتـه:
 زاول دراسته الابتدائية بالعاصمة التي تحصل فيها سنة 1939 على الشهادة الابتدائية لينتقل بعدها إلى المدرسة التقنية " بالعناصر" حيث درس إلى غاية سنة 1942 حيث يقرر مراد الانتقال إلى قسنطينة لمواصلة دراسته فيها هناك توفي والده وكان عمره لا يتجاوز 23 سنة.
وفي تلك الفترة بدأ مراد يتعاطى السياسة مع بعض زملائه في خلايا حزب الشعب الجزائري بقسنطينة وكان ذلك جليا في رسالة بعثها لأسرته والتي أثارت دهشة شقيقه " عبد الرحمن " الذي قال: " لقد بعثناه ليدرس فلماذا يتعاطى السياسة "؟  فأجابته الأم بحنان :   " ذلك هو قدره ..." .
اترابه يسمونه " LE PETIT":
في سنة 1944 يلتحق مراد بمؤسسة السكك الحديدية بالعاصمة بعد حصوله على شهادة الأهلية وذلك كموظف في إحدى محطات القطار بالعاصمة، وبعد شهور قلائل، أشرف مع نخبة من شباب الحركة الوطنية على مظاهرات الأول من شهر ماي 1945 بالعاصمة، وينظم إلى حزب الشعب الجزائري وحركة انتصار الحريات الديمقراطية بصفة دائمة ويغادر بذلك مؤسسة السكك الحديدية في منتصف سنة 1945.
من هذا التاريخ إلى غاية سنة1948 نشط الشهيد في عدة جوانب بدءا من النشاط الكشفي حيث أسس سنة 1946 فرقة للكشافة الإسلامية الجزائرية، ثم انظم إلى المنظمة المسلحة، وسنة من بعدها أنشأ ناديا رياضيا لمختلف الرياضات سماه" راما" "RAMA"، الراسينغ الرياضي الإسلامي الجزائري والذي كان لاعبا فيه بالإضافة إلى كونه المشرف عليه ماديا، تنظيميا.
ثم جمد نشاطه بعدما قرر الحزب إرساله إلى قسنطينة حيث عين كمسئول للحزب على مستوى عمالة قسنطينة سنة 1948. وقد اشتهر آنذاك باسم " LE PRTIT" لقصر قامته (1.68 م تقريبا) وهو الاسم الذي ظل أولاد الحي وكل من عرفه في تلك الفترة ينادونه به حتى من الميدان النضالي والسياسي.
مكث في قسنطينة طيلة سنتين نشط خلالها في كثير من القرى والمد اشر المحيطة بقسنطينة وخاصة قرية "السمندو" وقرية " بيزو" التي تحمل إسمه اليوم، إلى غاية التحاقه بجبال الأوراس رفقة نخبة من شباب الحركة الوطنية لأسباب أمنية، ليتدرب هناك على الرمي بالسلاح ويصبح ماهرا فيه.
وفي سنة 1952، يرجع ديدوش إلى العاصمة ليعين كمسؤول من ناحية البليدة وفي تلك الفترة أثبت لكل من عرفه أنه صاحب مغامرة وشجاعة نادرا ما تكون عند المسئولين، فلقد تم القبض عليه بمدينة " المدية" من طرف شرطي، وشاءت الأقدار أن هذا الشرطي من معارفه و لكونه كان يقطن حيا مجاورا للحي الذي ينشط فيه مراد في ميدان الرياضة، فاستغل الشهيد هذا الجانب والتساهل الذي أبداه الشرطي تجاهه، فعندما وصلا مركز الشرطة، عاين ديدوش مراد المكان قبل أن يقوم بأي عمل ،وكان يرتدي " قشابية" فلما طلبوا منه تقديم وثائقه الشخصية، استأذنهم في نزع " القشابية" ورماها على وجوههم قبل أن يقفز فوق حائط قصير يفصل المكاتب عن الساحة ويلتحق بالبليدة مشيا على الأقدام بعدما عبر أعالي البليدة.
وبعد هذه الحادثة، قرر الحزب إرسال ديدوش إلى فرنسا رفقة بوضياف، فطلب من صديقه:" قاسي عبد الله عبد الرحمن" أن يزوده بشهادة الميلاد للحصول على وثائق شخصية باسم مستعار  فكان" قاسي عبد الله عبد الرحمن" هو اسمه الجديد.
ويرحل إلى فرنسا التي يمكث بها إلى غاية 1954 حيث يرجع إلى أرض الوطن أشهرا قليلة قبل اندلاع الثورة ليساهم في إنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل،ويعين في أكتوبر من نفس السنة مسئولا على منطقة قسنطينة للإشراف على تفجيرات الثورة بالولاية الثانية، وليعرف هناك باسم: السي عبد القادر.
وكان الشهيد من الأوائل الذين سقطوا في حزب التحرير وذلك يوم 18 جانفي 1955 بعد معركة قرب بوكركار خاضها رفقة 17 مجاهدا يرأسهم بنفسه وبمساعدة زيغود يوسف الذي سلمه ديدوش كل الوثائق وأمره بالإنصراف قبل أن يستشهد وتصدق مقولته ويبرهن للجميع أنه عاش بحق من أجل الجزائر ومات من أجلها ولم يحمل في قلبه غير حبها وحب أبنائها المخلصين لها.
 رفض الزواج؟؟
سؤال كثيرا ما يتردد لماذا لم يتزوج ديدوش مراد و ابن المهدي؟
وقد وجدنا الجواب عن إحجام الأول عند صديقه المجاهد " سي عبد الرحمان" الذي قال: إن إخلاص مراد للقضية التي وقفت نفسه لنصرتها جعلته لا يستطيع حتى التفرغ للتفكير في هذا الأمر، وخاصة أن جل المشرفين على تحضير الثورة كانوا يفضلون تجنيد الشباب العازب لاعتبارات أمنية وكذا عامل التفرغ للعمل الثوري.
وهو في قسنطينة، اقترح عليه أحد أصدقائه الزواج بإحدى أخواته ولكن إجابة الشهيد كانت كسائر المرات أن الوقت لم يحن للتفكير في ذلك.
 وكان رحمه الله لا يحب أن يفاتح في هذا الموضوع، ويمكن أن تعرف أن أخاه عبد الرحمان قرر سنة 1952 مفاتحته في الموضوع بعدما ظن أن أمر التحضير للثورة قد تبخر فأرسل إليه مع صديقه وأحد مساعديه فؤاد بن الشيخ ليقترح عليه الزواج والهجرة إلى أحد الأقطار العربية حتى يحدث الله أمرا جديدا وتستجد مستجدات على الساحة السياسية، ولكن لا فؤاد بن الشيخ ولاغيره تجرأ على أن يفاتحه في عرض أخيه عبد الرحمن إلى غاية استشهاده.
تكوينه الديني: 
  في منزل عائلة ديدوش كانت هناك مدرسة قرانية قبل أن تتحول إلى مخبزة يشرف عليها عبد الحميد،وبمجرد بلوغ مراد –أربع سنوات- أخده أبوه عند الشيخ أرزقي والطاهر ليلقنه القران الكريم, ويستمر ذلك إلى غاية التحاقه بالمدرسة النظامية، وذلك سنة 1933, وكانت هذه السنوات بمثابة الإسمنت المسلح الذي بني عليه التكوين القاعدي لشخصية الشهيد المتشبعة بالتعليم الإسلامية التي لقنها بدوره لشباب الكشافة الإسلامية الجزائرية بفوج"الأمل ".
كما كانت اللقاءات العفوية التي كان يجريها مع الشيخ خير الدين – وهو مدرس بالمدرسة الفرونكو إسلامية – عند حلاق الحي تعكس مدى ثقافة مراد الإسلامية, حيث كان يقوم بتحليل أوضاع العالم الإسلامي والعربي وكأنه خريج جامعة الزيتونة أو الأزهر, وهو الذي كان لا يتعدى عمره آنذاك العشرين سنة.
وكانا هو و الشيخ خير الدين يتفقهان على أن خلاص هذه الأمة يكمن في تشبتها بإحياء دينها ولغتها.. وأنه لامناص من بلوغ ذلك .
أسموه الهراج:
كان أصغر الستة المفجرين للثورة:  بن بولعيد – بن مهيدي – بوضياف – كريم بلقاسم – بيطاط – "ديدوش " وأكثرهم انفعالا وأحرصهم على تلطيف الجو بالنكث والضحك المشوق.
 كل هذا جعل من رفقائه يسمونه الهراج , فكان تواقا إلى اندلاع الثورة وإن كان ذلك بالفأس والسكين , يهابه الكثير, ويخافونه لميله إلى استعمال القوة ففي إحدى المرات وعندما كانت التحضيرات متواصلة لتفجير الثورة, ذهب بن بولعيد إلى اللجنة المركزية للحصول على أموال تستعمل في أمور مستعجلة’, فعاد خالي اليدين, لم يستطع الإقناع, فغضب ديدوش وقال بصوت عال: "أنا أتيكم به" ورجع من عند اللجنة بوعد 03 ملاين سنتيما, كما يستضيف الستة في منزله بحي لابوانت .
ففي إحدى الليالي صعد مراد رفقه بن بولعيد إلى شجرة مثمرة لجار فرنسي, ولم ينزل حتى تركها وكأنها لم تثمر قط, والإحراج في ذلك أنه لم يكن لذلك الفرنسي أولاد فأضطر بوقشورة إلى اختلاق قصة حتى لا يكشف أمر استضافته لغرباء قد يوجه أنظار البوليس الفرنسي نحو البيت المقيمين به.
خفيف الروح:
كان الشهيد رحمه الله, يحب الضحك والتنكيت وسرد القصص والاستماع إليها وكان أفراد أسرته وأصدقاؤه لا يتعرفون على المكان الذي كان يوجد فيه طيلة غيابهلأن السرية في العمل كانت مطلوبة, لأسباب خاصة به, فقد حكى أصدقاؤه في إحدى المرات في مقهى الكمال بباب الزوار قصة حدثت له مع دركيين ولكن ينسبها لغيره وبعد ما تم القبض عليه بقسنطينة من طرف الدر كيين, اقتاداه وراءهما على مسافة عدة كيلومترات كانا يركبان حصانين وعندما وصلا ينبوع  ماء, طلب الشهيد منهم فك قيوده ليشرب وبينما كان الدر كي منهمكا في فك القيود, انهال عليه مراد بضربتي رأس  فخر صريعا وفاجأ الثاني الموجود على جواده وأسقطه مغميا عليه واسترجع بعدها سكينه الذي سلب منه عند القبض عليه، وبعدما شد وثاقهم إلى جدع شجرة وبذل أن يهرب أخد يشحذ سكينه بحجر أخرجه من الماء وهو يشير بيديه إلى رقبته وكأنه يتهيأ ليذبحهما وكان ذلك تعبيرا عن رد فعل لما عاناه طيلة الكيلومترات التي مشاها وراءهم ولإدخال الرعب في نفس الدر كيين  وبقي في تلك الحالة لمدة ساعة كاملة, فسئل لماذا لم يفر فقال: لقد كنت محتاجا للراحة فأردتها بطريقتي, وأن أترك ذكريات عند السلطة الاستعمارية...
والسكان في سيدي الجليس (في قسنطينة) يؤكدون في هذا المجال قصة تكشف عن (الدم البارد) الذي كان بتمتع به ديدوش وكان ذلك في شهر ديسمبر 1954 وكان على موعد في قسنطينة مع شخص ليحاول إقناعه بالانضمام وكان الموعد في مقهى.
ودخل ديدوش المقهى والبوليس يقتفي خطاه وكان ديدوش يعرف أن البوليس وراءه لكنه لم يكن يعرف أن البوليس قد عرفه وأنه يقصده هو بالذات وعندما جلس ديدوش داخل المقهى لاحظ أن الدورية البوليسية تتوجه نحوه بالذات لتطلب منه ورقة التعريف فلم يضطرب ولم يتحرك ومد يده بكل هدوء إلى جيبه وأخرج مسدسا من نوع (باربيلوم) وأمرهم أن يرفعوا أيديهم فامتثلوا ثم أمرهم أن يستديروا نحو الجدار ففعلوا ثم خرج بكل هدوء وذاب في المدينة.
مع ثورة نوفمبر 1954 :
إن من يعرف ديدوش مراد يتأكد أنه ينتظر هذا اليوم على أحد من الجمرإذ كان من الذين حرروا الفداء الثوري الموجه إلى الشعب الجزائري والذي أعلن فيه بداية الثورة.
 وعندما أعلنت عقارب الساعة الثانية عشر من أول نوفمبر الخالدة "كان مراد" على رأس فرقة من الأبطال في الشمال القسنطيني يطل أول رصاصة...
وبها بدأ العقد التنازلي للوجود الاستعماري الفرنسي ومنذ ذلك اللحظة التي أثلجت صدر الشهيد وهو في عمل دءوب لا تنام له عين ولا يهدأ بال فما قتىء يغتنم كل فرصة تتاح لتسديد الضربات اللاحقة للعدو وكان في نشاطه هذا وكأنه يعلم أن حياته في الثورة لاتصل ثلاثة أشهر.
وبالرغم من قصر المدة التي عاشها في الكفاح المسلح إلا أنه كان مثالا للقائد العظيم الذي يعرف كيف يحول الهزيمة إلى نصر.
و في 18 جانفي 1955 بينما كان في مجموعة من 18 مقاتلا متجها من "السفرجلة" قرية قريبة من بلدية زيغود يوسف متجها إلى بوكركر فوجدوا أن الأرض محاصرة بالعدو من كل جهة وتبين أن القوات العسكرية المحاصرة كانت هائلة وقد قدرت بخمسمائة جندي فرنسي معززين بالعتاد الحربي المتطور،لكن مراد ديدوش بعد وقفة تأملية قصيرة وبعد نظرة خاطفة ألقاها على المكان الذي ستدور فيه المعركة اتخذ موقف حزم وإصدار وهو يعلم مسبقا نتائجه ويعلم أن محاولة الانسحاب هو الانتحار المحقق والجبن الذي لا يتفق وطبيعة المجاهد المؤمن, فوقف بين جنوده في صدق العزيمة وقوة الإيمان وحسن اليقين وقال: في لهجة صادقة مؤثرة ما معناه "لا نستطيع الخروج الآن بعد أن إحكام العدو الحصار إذن فالمعركة لازمة, يجب على واحد منكم أن يتذكر أسلوب حرب العصابات على الطريقة الفردية فعلى كل واحد منكم أن يعتمد على نفسه فقط, في مواجهة العدو, ويجب أن تذكروا على الأخص أن المعركة التي سنخوضها بعد قليل معركة هامة, وأعنى الأهمية المعنوية , والنتائج البعيدة التي تترتب عنها،أن العدو لم يعرف إلى اليوم درجة مقاومتنا عندما نواجهه وجها لوجه , في معركة مثل هذه, والشعب يروي عنا الأساطير, لكنه لم يسبق أن شاهد معركة تكشف له عن مبلغ ثباتنا في القتال, ودرجة قوتنا في الدفاع عن أنفسنا.
 إذن فالمعركة المقبلة تجربة أساسية للعدو, ولنا وللشعب ويجب أن نقيم للعدو الدليل على أنه تجاه جيش ثوري يدافع عن مبدأ يدفع في سبيله أغلى ما يملك, ويجب أن تكون هذه المعركة, مصدر اعتزاز للشعب حتى يزداد تعلقا بالثورة وحتى لا يقول عنا أننا لانحسن الدفاع عن أنفسنا, فكيف نستطيع حماية الشعب, فبذلك فقط نسهل المهمة على إخواننا الذين يبقون بعدنا, ولانخلف لهم تركة مثقلة تنوء كواهلهم".
وفي حدود الساعة الثامنة صباحا بدأت المعركة، وأعجب ما يبعث على الدهشة بحق أن أكثر سلاح المجاهدين من النوع البسيط العتيق الذي لا يشجع على الوقوف أمام المسلحين ببنادق الصيد الجديدة السليمة وكيف بالوقوف تجاه المدافع والرشاشات والقنابل والطائرات في مغامرة حربية خطيرة كهذه ولكنه الإيمان والشجاعة وحب التضحية التي تهتف بين جنبي المجاهد الجزائري أن تحصى من فروا وسلموا.
وعندما أوشكت المعركة أن تنتهي رأى جنديا في موضع مكشوف, وبرز لينصحه بحسن الاختفاء, فانهال عليه وابل من الرصاص فسقط شهيدا.
وفي الخامسة مساءا انتهت المعركة باستشهاد سبعة مجاهدين, أما حصيلة الجيش الفرنسي فقد كانت ثقيلة حيث قتل 80 وجرح 02 وأسر 01.
وكان أول من استشهد من القادة الثوريين وانتهت حياته النضالية البطولية لتبتدئ حياته التاريخية الخالدة التي لا ترضخ للفناء.
وأصبح قبره مزارة يقصدها الناس من كل حدب لتبادل قصص الثورة وحكايات الجهاد, واستلهام الدرس والعبرة فكانوا يجتمعون حوله ويعرضون صورا من نضاله السياسي, وكفاحه البطولي وحياته النموذجية للوطن الصادق الغيور.
 ثم يتفرقون وقد تفاعلوا بهذا الجو الثوري, وتزودوا بطاقات من الإرادة العزم تدفعهم إلى الميدان للدفاع عن الوطن والاستشهاد من أجله كما دافع عنه واستشهد في سبيله صاحب هذا القبر.
وقد خلفه في القيادة رفيقه البطل زيغود يوسف, الذي سار على دربه لتستمر الثورة قوافل الشهداء من خيرة أبنائها إلى بزغت شمس الحرية تضيئ ربع هذا الوطن الحبيب.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
من أقوال الشهيد البطل ديدوش مراد
إن على الثوار الأوائل أن ينفقوا أربع سنوات لنشر مبادئ الثورة وتعميم فكرة الاستقلال
وجعلها مألوفة لدى الأهالي

اقرأ المزيد

السبت، 29 نوفمبر 2014

المجلة الافريقية (باللغة الفرنسية - 01-106)



عنوان الكتاب: المجلة الافريقية (باللغة الفرنسية - 01-10)
اسم المؤلف: مجموعة مؤلفين
بطاقة الكتاب:
إشراف الجمعية التاريخية الجزائرية - الأعداد الصادرة بين سنتي : 1856م - 1962م .


 

مجلة تعنى بالبحوث التاريخية و التراثية المتعلقة بالجزائر و البلدان المجاورة لها ، و كانت تنشر أبحاث ثلة من المستشرقين الفرنسيين و غيرهم ، و أبحاث أعلام جزائريين كالأستاذ المحقق محمد بن شنب و غيره .
المصدر : موقع الجزائر القديمة
لتحميل الأعداد :

__________________

http://abdenour-hadji.blogspot.com/2013/01/blog-post_1.html

اقرأ المزيد

الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014

الثورة الفرنسية ونتائجها

الثورة الفرنسية
مفدمة
تعتبر الثورة الفرنسية من أ هم الأحداث السياسية التي عرفتها أوربا خلال القرن الثامن عشر و ما كان لها من انعكاسات مختلفة. فما هي عوامل حدوث الثورة ؟ و ما هي مراحلها ؟و ما هي النتائج المترتبة عنها ؟
  1. حدثت الثورة الفرنسية سنة 1789 لعوامل مختلفة .
    1- كان للتفاوت الطبقي و الحكم الفردي دور في حدوث الثورة
    _عرفت فرنسا نظام ملكية مطلقة (البوربون ) مدعمة من طرف هيئة النبلاء التي تتمتع بحقوق فيودالية وتشغل المناصب الهامة ويعتمدون على مداخيل الأراضي ، وهيئة الإكليروس التي تستفيد كذلك من مداخيل الأراضي . و كانت الهيئة الثالثة تضم التجار ورحال الصناعة و الحرفيين والعمال و الفلاحين و تعاني من التهميش وأداء الضرائب
    2-ساهمت الأزمة الإقتصادية والمالية في حدوث الثورة .
    _عرف الميدان الفلاحي تراجعا وانخفضت أرباح المزارعين ، وتدهورت الصناعة بسبب منافسة منتجات الصناعة الإنجليزية ، وأثرت كثرة الرسوم والضرائب على النشاط التجاري ، وأثرفقدان فرنسا لمستعمراتها في أمريكا الشمالية والهند على تجارتها الخارجية .وتراجعت مداخيل الدولة التي أصبحت تعتمد بصفة خاصة على الضرائب
    3- حاول لويس XVIإحداث إصلاحات وواجهت الرفض .
    _ استفاد لويس XVIببعض المراقبين العامين للمالية TURGOT للقيام ببعض الإصلاحات استهدفت تحقيق المساواة بفرض الضرائب على أساس الأرض ، ورفع الحواجز الجمركية بالنسبة للتجارة الداخلية ،و دعم حريةالعمل بإلغاءالطوائف المهنية ، وذلك لكسر الاحتكار الممارس من طرف الارستقراطية في هذا الاطار. وتمت معارضة هذه الإصلاحات من طرف النبلاء
  2. _ مرت الثورة الفرنسية من ثلاثة مراحل.
    أهم الأحداث :
    دجنبر 1788عقد مجلس الهيئات العامة والإعلام عن تأسيس الجمعية الوطنية
    -17يونيو 1789 الإعلان عن الجمعية العمومية من طرف الهيئة الثالثة
    14يوليوز 1789مهاجمة الثوار سجن الباستيل 11غشت 1789اجتماع الجمعية العمومية و إلغاء الحقوق الفيودالية 26غشت 1789 اعلان حقوق الانسان و المواطن3غشت 1791 وضع الدستور21يونيو 1791 محاولة لويس XVIالفرارالى بروسيا 20أبريل 1792 بداية الصراع بين الجيرونديين واليعاقبة وإعلان الحرب على بروسيا 10غشت 1792 إلقاء القبض على الملك (إعدام الملك في 21 يناير 1793 )
    يونيو1793اعتقال قادة اليوونيين واعدامهم
    24 يونيو 1793 اصدار دستور جديد والاقرار بعودةا لسلطة الى الشعب ، تاسيس حكومة طورية بقيادة روبسبير و انشاء لحان خاصة17 شتنبر 1793 اصدار(قانون المشتبه بهم ) واعدام العديد من الجيرونديين. قيام العناصر البورجوازية باغتيال روبسيير. 1795 اصدار دستور جديد وتأسيس حكومة جديدة وتكوين مجلسين = مجلس الحكماء ومجلس خمسمأة استمرار الثوار (بابوف) وثوراث الملكيين 9-19-1799 لجوءالبورجوزاية الى الجيش (نابوليون بونابرت)
    لتسلم الحكم
  3. ترتب عن الثورة الفرنسية نتائج سياسية و اقتصادية و اجتماعية
    1 نتج عن الثورة الفرنسية تحولات سياسية هامة
    ضهر لاول مرة النضام الجمهوري ،وتم الاقرار بحقوق الانسان وفصل الدين عن الدولة والغاء الحقوق الفيودالية ،و اعتبار السيادة للامة ن وتوحيد الشعب الفرنسى واعتبار الفرنسبة اللغة المتداولة . وكان للثورة الفرنسية صدى لدى الشعوب الاوربية وكذلك في امريكا اللتينية
    2 ثأثر المجال الاقتصادي باحداث الثورة الفرنسية
    _استفادت الطبقة البورجوازية بوضع تشريعات جديدة وبتوحيد المقايس والاحزاب و المكاييل . وثم الغاء الضرائب المفروضة على الفئات الشعبية ووضع ضرائب على اساس الثروات.
    3 حدثت تحولات اجتماعية بسبب الثورة الفرنسية
    _اصبحت البورجوازية في قمة الهرم الاجتماعي واستفادت من الحرية الاقتصادية والغاء الحواجز الجمركية. ولم يستفد العمال والفلاحيون من الثورة.
    و تم اقرار مجانية و الزامية التعليم ، وتم التراجع عن هذه المبادئ.
  4. خاتمة
    استمرت الثورة الفرنسية ما بين 1789 ، 1799 غير انها ساهمت في انهاء النظام القديم و سيطرة الطبقة البورجوازية.

اقرأ المزيد

عصر الأنوار و تطور الفكر السياسي

عصر الأنوار و تطور الفكر السياسي
  1. مقدمة:
    المقصود "بعصر الأنوار" القرن 18 الذي ظهرت به حركة فكرية في أوربا و في فرنسا على الخصوص، اتخذت من الإنسان و حقوقه أساسا للمواضيع المتناولة سواء في الميدان العلمي أو السياسي أو الإنساني و جعل العقل حكما لرفض أو قبول أي شيء كان و العمل على إنشاء مجتمع جديد يقوم على الديمقراطية و الحرية و المساواة.
  2. تعددت خصائص فكر النوار و تنوعت وسائل انتشاره:
    1- اعتمد فلاسفة الأنوار على العقل في تحليلهم لواقع مجتمعهم:
    • فكر الأنوار: أحدث قطيعة مع الفكر الخرافي و النفوذ الكنيسي و الاستبداد و التقليد. أعاد الاعتبار للعقل و اعتمد على الملاحظة و التجربة في بناء المعارف.
    - تشجع الفضول العلمي  الاختراعات و الاكتشافات و المؤلفات العلمية.
    • فكر الأنوار: فكر نقدي  إبراز عيوب المجتمع و تناقضاته، فضح المعتقدات الخرافية التي روج لها الإكليروس، دحض سقولة "الحق الإلهي" التي يستفد إليها الملوك المستبدون  إقامة مجتمع جديد.
    • فكر الأنوار: أثر بمفاهيم جديدة كالحرية الفردية و السعادة و الشعب...
    2- استعمل فلاسفة الأنوار عدة وسائل لنشر أفكارهم الجديدة:
    • الأنسكلوبيديا: مؤلف عقلاني ضخم، ألفه "ديـدرو" " Diderot"،/ دالامبيـر ( D'alamber) و استهدف منه جميع و نشر حصيلة المعرفة الإنسانية في مختلف المجالات، و قد كانت الأنسكلوبيديا تدافع عن إقامة ملكية ديمقراطية قائمة على مبادئ عقلانية.
    • الصالونات و المقاهي: حيث يلتقي الفلاسفة و الفنانون و العلماء و الكتاب لمناقشة الأفكـار و النظريات الاقتصادية و العمل على نشرها.
  3. ساهم كل من "فولتير" و "مونتيسكيو" في بلورة فكر عقلاني مناهض للأنظمة الاستبدادية:
    1- دعا فولتير إلى الاستبدادية المستنيرة و مساندة البورجوازية:
    - يعتبر التصور السياسي لفولتير في إطار نظرية الحكم تصورا محافظا
    - رفض بقاء السلطة في يد فئتي النبلاء و الإكليروس.
    - ساند الفئة البورجوازية و التجارية منها خصوصا.
    - دعا إلى حكم قائم على الاستبدادية المستنيرة.
    - آمن بالتراتبية الطبقية.
    - دعا إلى رفض النظام البرلماني و الفصل بين السلط.
    2- دعا "مونتيسكيو" إلى الملكية المعتدلة و مساندة الأرستقراطية النبيلة:
    - دعا إلى تأسيس نظام ملكي معتدل مع منح امتيازات للنبلاء.
    - وضع نظرية الفصل من السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية.
    - جعل الحرية بمثابة سلطة للقوانين و بذلك ركز الحرية أساسا في الأمن و الطمأنينة.
  4. حاول جان جاك روسو وضع أسس مجتمع جديد:
    1- طرح "روسيو" تصورا رائدا في الفكر السياسي:
    - اعتمد على نقد الاستبداد بجميع أشكاله (المطلق و المستنير).
    - خالف النظريات التي كانت تؤمن بمنح الامتيازات لفئة من الفئات الاجتماعية.
    - دعا إلى المساواة و الحرية و أيد مبدأ الفصل بين السلط.
    2- جاء روسو بنظرية العقد الاجتماعي الجديدة:
    - طرح "روسيو" تصورا جديدا لطبيعة العلاقة القائمة بين الأفراد و الجهاز السياسي الحاكم.
    - اعتبر أن العلاقة بين الحاكم و المحكومين تعد تعاقدا بقيمه أفراد المجتمع جميعا فيما بينهم ليبلوروا من خلال إرادتهم الخاصة إرادة عامة تمثل الخير للجميع.
    - دعا إلى قيام نظام ديمقراطي يستمد سلطته من الشعب.
    - دعا إلى الفصل بين السلط و جعل السلطة التشريعية في يد الشعب و حصر دور الحكام في التنفيذ و المحافظة على الحريات.
  5. خاتمة:
    ساهم مفكر "عصر الأنوار" في إغناء الترات الأوربي و الإنساني بنظريات جديدة خاصة في ميدان الفكر السياسي و قد استفادت البورجوازية من هذه النظريات فتزعمت حركة التغيير خصوصا في أواخر القرن 18 سواء داخل أوربا أو خارجها.
    ***** ***** ***** ***** ***** *****
  6.  
     

اقرأ المزيد

التحولات الاقتصادية و التقنية و الاجتماعية بأوربا في القرن 18

التحولات الاقتصادية و التقنية و الاجتماعية بأوربا في القرن 18
  1. مقدمة:
    عرفت أوربا خلال القرن 18 نموا ديموغرافيا، و تراكما ماليا و تطور في أساليب الإنتاج فنتجت عن ذلك تحولات اقتصادية و تقنية و اجتماعية.
  2. ساهم النمو الديموغرافي المرتفع في تنشيط الاقتصاد الأوربي:
    • سمي النمو الديموغرافي الذي شهدته أوربا خلال القرن 18 "بالثورة الديموغرافية" و التي كانت نتيجة:
    - ارتفاع نسبة الولادات.
    - تراجع نسبة الوفيات بسبب، التقدم الطبي، تحسن النظام الغذائي، تحسن ظروف النظافة و تقدم وسائل النقل.
    • كان من نتائج النمو الديموغرافي تنشيط الاقتصاد لأنه أدى إلى:
    - توفير سوق استهلاكية ضخمة.
    - هيمنة عنصر الشباب مما ساهم في توفير يد عاملة حيوية طورت أساليب الإنتاج.
    - هجرة سكان البوادي إلى المدن التي نمت مثل (لندن).
    - هجرة السكان نحو الأراضي الفلاحية بأوربا الشرقية (هنغاريا – أوكرانيا).
    - تزايد الاهتمام بالمستعمرات (العالم الجديد).
    - اهتمام الحكومات بظاهرة النمو الديموغرافي  إحصاء السكان + صدور كتاب مالتوس (حول السكان).
  3. نتج عن تراكم الأموال تطوير الأساليب و المعاملات النقدية و البنكية:
    • عرفت الدول الأوربية خلال القرن 18 تراكما للأموال نتيجة:
    - ازدياد أهمية الزواج التجاري بين أوربا و مستعمراتها (في الشرق الأقصى و إفريقيا و أمـريكا) و الذي استفاد من دور التأمين و تطور وسائل النقل و مضاربة القرصنة.
    - تزايد قيمة الصادرات بأوربا الصناعية.
    - اكتشاف مناجم جديدة للذهب و الفضة بالبرازيل و المكسيك  تزايد قوة العملات الأوربية.
    • نتج عن هذا التراكم المالي:
    - تطوير أساليب المعاملات النقدية و البنكية مثل ظهور الأوراق البنكية و حوالات الأداء.
    - نمو أشكال القرض بسبب انخفاض نسب الفائدة ق 18.
    - ظهور البورصات ( بورصة لندن 1689 + باريس 1724) و تزايد رأسمال الأبناك.
     نستخلص أن تزايد عدد السكان + تراكم الأموال و تطوير أساليب المعاملات النقدية و البنكية إلى تنشيط المؤسسات الإنتاجية الفلاحية و الصناعية.
  4. تمثلت مظاهر التطور الاقتصادي للقرن 18 في الثورتين الفلاحية و الصناعية:
    1- شهدت أوربا الغربية ثورة فلاحية نتيجة:
    - توفر سوق استهلاكية + تقدم وسائل النقل.
    - اهتمام النبلاء باستغلال الأراضي لتحقيق أكبر الأرباح.
    - استثمار التجار لقسط من أموالهم في شراء الأراضي الفلاحية.
    - اهتمام كبار الملاكين بتطوير أساليب و أدوات الإنتاج.
    • تمثلت الثورة الفلاحية في:
    - ابتكار و انتشار عدد من التقنيات (مثل البذار الآلي – المحراث الحديدي).
    - إدخال زراعات جديدة (البطاطس بألمانيا) الشمندر و النباتات العلفية (هولندا + انجلترا) الذرة، الأرز.
    - توسيع المجال الفلاحي عن طريق اجتثات الغابة (فرنسا) و تجفيف المستنقعات (إيطاليا) أو التوسع على حساب البحر (هولندا).
    - التحلي التدريجي عن إراحة الأرض ضمن الدورة الزراعية.
     ربح مساحات فلاحية.
    - تطوير تربية الماشية اعتمادا على انتقاء السلالات.
    - قيام كبار الملاكين بتسييج أراضيهم.
     كل هذه التحولات ساهمت في التحول بالفلاحة إلى نمط الاستغلال الرأسمالي.
    2- عرف القطاع الصناعي تحولات هامة أطلق عليها الثورة الصناعية:
    • تميز القرن 18 بتطبيق عدد كبير من الاختراعات المسلسلة  الزيادة في سرعة و حجم الإنتاج.
    - ففي صناعة النسيج استفادت من:
    + اختراع المكوك الطائر ( جون كي 1733)  إنتاج قماش طويل.
    + صنع آلة الغزل  إنتاج خيوط رقيقة و قوية.
    + التركيز الذي عرفته صناعة النسيج بتجميع الصناعة في معامل قرب الأنهار.
    - أما الصناعة التعدينية فتطورت لتزايد الطلب على الآلات و يتجلى ذلك في:
    + استعمال معدن الحديد بدل إنتاج الصلب و الفولاذ.
    + الاعتماد على الفحم عوض خشب الغابات.
    + اندماج مناجم الفحم و الحديد في إطار وحدات صناعية كبرى  التقليل من تكاليف الإنتاج.
    مثل توصل جيمس واط إلى اختراع الآلة البخارية 1784 ثورة حقيقية في الصناعة لأنها:
    + وفرت طاقة عوضت الطاقة البشرية و المائية.
    + استعملت في مصانع النسيج و المناجم و طرق الحديد و المطاحن.
    + أدت إلى تحرير الصناعة من الارتباط بالمجاري المائية.
  5. أسفرت التحولات الاقتصادية للقرن 18 عن عدة نتائج:
    1- اشتد الصراع الاستعماري بين انجلترا و فرنسا:
    • نتج عن الثورة الصناعية تزايد الحاجة إلى الأسواق الخارجية  احتدام الصراع الاستعماري بين الدول الأوربية خاصة بين القوتين الفرنسية و الإنجليزية، وشمل هذا الصراع:
    - شمال القارة الأمريكية: تعارضت المصالح الإنجليزية و الفرنسية و اندلعت حرب 1740 انتهت بتوقيع معاهدة [إكس لاسييل 1748] ثم معاهدة باريس 1763 و التي مكنت الإنجليز من التوسع في كندا بفضل تفوق أسطولهم البحري.
    - الهند: كان الصراع في البداية بين الشركتين التجاريتين الفرنسية و الإنجليزية ثم أصبح بين الدولتين بعد محاولة فرنسا بسط نفوذها داخل الهند.
    • تمكنت انجلترا من إبعاد المنافسة الفرنسية بفعل تفوق قوتها البحرية  الشروع في استغلال خيرات الهند [جوهرة التاج البريطاني]
     إذا كانت انجلترا قد استفردت بالهند فإنها في الوقت نفسه فقدت مستعمراتها في العالم الجديد بعد الإعلان عن استقلال ال و. م. أ.
    2- أثرت التحولات الاقتصادية على بنية المجتمع الأوربي:
    و تمثل ذلك في:
    • بروز طبقة البورجوازية:
    تكونت من فئة التجار التي اغتنت من التجارة و من استثمار أمـوالها فـي النشـاط الصنـاعي و البنكي و الفلاحي، كما نمت بورجوازية متوسطة من موظفي الدولة و الأطباء و المحامين
    . - عندما شعرت البورجوازية بقوتها الاقتصادية و أخذت تدعو إلى تغيير البنية الاجتماعية و رغبتها في المشاركة في الحكم إلى جانب الأرستقراطية.
    • تراجع هيمنة الطبقة الأرستقراطية: و التي قامت بردود فعل مختلفة منها:
    - التقرب من البورجوازية بالمشاركة في ميدان الاستثمار و الصناعة [فرنسا]
    - القبول بإعادة تنظيم المجتمع على أساس الثروة [انجلترا]
    - الحيلولة دون تسرب البورجوازية بين صفوفها عن طريق: احتكار المنـاصب العليا + إحيـاء حقوقها على الأرض و الفلاحين و الغابات.
    • تردي أوضاع الفلاحين و العمال:
    - عانى صغار الفلاحين و العمال الزراعيين نتيجة تقلب أسعار المواد الفلاحية + الضغط الضريبي + ثقل حقوق الأرستقراطية و الكنيسة  الهجرة نحو المدن.
    - عانت الطبقة العمالية من عجز الأجور عن مواكبة ارتفاع الأسعار  القيام بمظاهرات تمثلت في تحطيم الآلات.
  6. خاتمة:
    يمكن أن نطلق على القرن 18 قرن الصورات: ثورة ديموغرافية، ثورة فلاحية، ثورة صناعية، أفرزت احتدام الصراع الاستعماري و تحولات اجتماعية هامة.

اقرأ المزيد

النهضة الأوربية



الـمـقـدمـة:-

إن النهضة الأوروبية مصطلح يطلق على فترة الانتقال من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة وهي القرون 14 - 16 ويؤرخ لها بسقوط القسطنطينية عام 1453م حيث نزح العلماء إلى إيطاليا حاملين معهم تراث اليونان والرومان. كما يدل مصطلح عصر النهضة على التيارات الثقافية و الفكرية التي بدأت في البلاد الإيطالية في القرن 14, حيث بلغت أوج ازدهارها في القرنين 15 و 16, ومن إيطاليا انتشرت النهضة إلى فرنسا وإسبانيا وألمانيا وهولندا وانكلترا وإلى سائر أوروبا. أزدهر شأن النهضة الإيطالية إذ وجدت لها أنصاراً يصرفون عليها المال الوفير, مثل أسرة ميديشي في فلورنسا وسوفرزا في ميلانو والبابوات في روما. بلغت البندقية ذروة عظمتها الثقافية في أواخر القرن 16. من أعظم شخصيات النهضة في المجال الفني ليوناردو دافنشي و مايكل أنجيلو و ميكيافيلي، وغيرهم كان لهذه الحقبة تأثير واسع في الفن والعمارة وتكوين العقل الحديث وعودة واعية للمثل العليا والأنماط الكلاسيكية. في هذه الفترة تم اكتشاف أراضي وشعوب جديدة حيث اتسمت هذه الفترة بظهور طائفة كبيرة من الرحالة والمستكشفين والملاحين منهم الأمير هنري الملاح و كرستوفر كولومبوس و فاسكو دي كاما.
۩ الـمـوضـوع:-

الحالة العامة في أوروبا قبل النهضة:-

اتجهت أوروبا في العصور الوسطى إلى الزهد في الدنيا، والتبتل إلى الآخرة، وذلك نتيجة هيمنة رجال الكنيسة على مختلف شؤون الحياة، باعتبارهم علماء في الدين وفلاسفة في القانون الروماني، فحاربوا المفكرين، وحاكموهم بقسوة، واحتكروا زعامة المجتمع، فتفشت فيه الخرافات وعم الجهل،فلم ينتفع الجمهور باللغة اللاتينية،لأنها كانت محتكرة لدى طائفة من رجال الكنيسة ولم تكن صناعة الورق، أو فن الطباعة معروفين في أوروبا،ولهدا كان المجتمع الأوروبي متخلفاً ويئن تحت وطأة الإقطاع ، ويعاني من ويلات الحروب الإقطاعية والتجزئة السياسية.''''
تعريف النهضة:-

النهضة بمفهومها الخاص هي حركة إحياء التراث القديم،أما بمعناها الواسع فهي عبارة عن ذلك التطور القديم في كل من الفنون والآداب والعلوم، وطرق التعبير ، و الدراسات ، وما صاحب ذلك من تغير في أسس الحياة الاجتماعية و الاقتصادية والدينية و السياسية
عوامل قيام النهضة:-
يمكننا حصر الأسباب الرئيسية التي أدت إلى قيام النهضة الأوربية في ما يلي:

-1 المخترعات الحديثة
وأهمها صناعة الورق والصباغة ، ولا يخفى أثرهما في نشر العلوم والثقافة بين أفراد الشعب ، وخاصة بعدما طور الأوروبيون صناعتهما إثر اختراع العالم الألماني يوحنا غوتنبرغ (Ghutinberg) سنة 1450 ميلادي للطباعة بالحروف المتحركة، كما استفاد الأوروبيون من البارود وخاصة في حروبهم التي خاضوها ضد قلاع الإقطاعيين الذين كانوا يكثرون التجزئة ويقفون عائقاً أمام ظهور الدولة القومية. كما كان لاستفادة الأوروبيين من(البوصلة) و(الإسطرلاب) دور فعال في حركة الكشوف الجغرافية، وما إلى ذلك من الاختراعات الأخرى التي استعانت بها أوروبا لتغيير أوضاعها القديمة وبعث أوربا حديثة.

2- انتعاش التجارة و ازدهار المدن التجارية الأوربية
انتعاش التجارة بين الغرب والشرق و خاصة عبر البحر المتوسط ، جعل المدن الأوروبية المطلة عليه تشهد رخاءً اقتصادياً ساعد على ظهور طبقة غنية استأثرت بالسلطة و تحررت من السيادة الإقطاعية فنافستها واستقلت عنها معززة هذا الاستقلال بتبادل السفراء والقناصل مع الدول التي ترتبط معها بعلاقات تجارية ( وكذلك بإحاطة نفسها بمظاهر البذخ والترف مما جعلها تشجع حركة النهضة وتتنافس فيما بينها على رعاية فنانيها وأدبائها وعلمائها .


3-استعمال اللغة الوطنية
كانت اللغة اللاتينية وهي لغة العلم والثقافة محصورة في رجال الدين ، لكن تنبه الأوروبيين إلى ضرورة استعمال اللغة الوطنية التي يتكلمها معظم أبناء الشعب، وقد كان لتشجيع بعض الحكومات الأوروبية للغات القومية وإقبال بعض الكتاب على التأليف بها أثر كبير في نشر الثقافة بين طبقات الشعب.و هي اللغات الأم للغات شعوب أوروبا الحالية مثل اللغات الفرنسية و الانجليزية و غيرها.

3- سقوط القسطنطينية
أدى سقوط القسطنطينية إلى هجرة عدد كبير من العلماء إلى إيطاليا خاصةً،وحملوا معهم كلما استطاعوا من كتب إغريقية وتماثيل وأدوات قديمة.وهناك تعاونوا على بعث الثقافة اللاتينية وتطويرها في قالب جديد كان نواة للنهضة الأوربية.

نتائج النهضة الأوروبية وخصائصها:-

-1 انحلال الإقطاع
سارنظام الإقطاع في عصر النهضة على طريق التلاشي و الزوال نتيجة موت عدد كبير من أمراء الإقطاعيين في الحروب الصليبية، وانصراف بعض الإقطاعيين إلى ممارسة التجارة، فتحرر الفلاحون والأقنان ولم يتمكن من بقي من الإقطاعيين من مقاومة التغيرات التي حصلت نتيجة النهضة.

-2 ظهور الدول الحديثة
عبر تطوير أساليب الحكم، وقد ساعدتهم في ذلك الأفكار الجديدة مثل أفكار المفكرين ميكيافيلي الايطالي Machiavelli وجون رودان الفرنسي Jean Rodin و الانجليزي هوبس Hobs وتدفق الثروات،الناتجة عن الكشوفات الجغرافية الكبرى ، واستغلال مناجم الذهب والفضة للقارة الأمريكية ،خاصة من طرف اسبانيا والبرتغال في البداية. فساندت الطبقة المتوسطة الملوك على استتباب الأمن والنظام، والقضاء على الإقطاع فضلًا عن تكون الرأي العام ونمو اللغات المحلية وظهور الروح القومية، ولقد كان لهذه العوامل أثرها الفعال في قيام الدول الأوروبية الحديثة.

-3 إحياء الدراسات القديمة
إستهوت الدراسات الإغريقية واللاتينية عقول الكثيرين من الأوروبيين وقد وجدوا معظم مجلداتهم في الكنائس والأديرة ، فعكفوا على دراستها ،وترجمتها إلى اللغات المحلية مما فتح نوافذ المعرفة أما غالبية الشعب للمرة الأولى.

۩الخاتمة:-

لم تنتج النهضة الأوروبية من فراغ فقد مرت أوروبا بمراحل عدة " ذلك أن مرحلة " الحداثة " قد قامت في أوروبا (القرن التاسع عشر) بعد مرحلة "الأنوار" (القرن الثامن عشر) التي قامت هي نفسها بعد مرحلة "النهضة" الثانية (القرن السادس عشر) والتي سبقتها "نهضة" أولى (القرن الثاني عشر.(
ونظراً لانتقال النهضة من إيطاليا إلى غيرها من الدول الأوروبية في بطء شديد فقد طال عصر النهضة من أوائل القرن الرابع عشر إلى القرن السادس عشر، بل إن أثرها لم يظهر في بعض الدول الأوروبية إلا في أوائل القرن السابع عشر.

وقد اتخذت النهضة أشكالا ومظاهر مختلفة باختلاف طبيعية البلاد التي ظهرت فيها، فبينما ظهرت بمظهر الإصلاح الديني في بعض الدول الأوروبية كألمانيا وغيرها، نجدها تتخذ شكلا فنياً في إيطاليا. وقد ظهرت بوادر النهضة بظهور فكرة إحياء التراث القديم أو كما سماها المؤرخون حركة إحياء العلوم.

إن عصر النهضة يعتبر عصر تحلل وانتقال من قيود العصر الوسيط، وفيه أصبحت التجارب العلمية شرطاً أساسياً لتثبيت قواعد العلم الصحيح ووضع النظريات في مستوى القوانين العامة.

۩المراجع:-
1)د.عبد الحميد البطريق ود.عبد العزيز نوار,التاريخ الأوروبي الحديث,دار النهضة العربية, بيروت.
2)نور الدين حاطون , تاريخ عصر النهضة الأوروبية ,دار الفكر بيروت .
3)د. محمود سعيد عمران, معالم تاريخ الإمبراطورية البيزنطية, دار النهضة العربية, بيروت.
4)د.جلال يحيى, التاريخ الأوروبي الحديث والمعاصر, المكتب الجامعي الحديث, الإسكندرية.

اقرأ المزيد
||

أرسل أسئلتك في رسالة الآن هنا

http://abdenour-hadji.blogspot.com/

عنواني على الفايس بوك:

قناتي على اليوتوب

أعلن معنا... إعلانات الآن هنا ...



Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More