نترجم لواحد من أعلام الحديث الشريف أصيل الجزائر، ولد في بيت شرف وعلم ورياسة، ينتمي إلى عائلة هاجرت من مدينة طبنة ( بريكة)، مدينة الكرم والجود والشجاعة والفروسية والرجولة، مدينة الجهاد والشهداء في سبيل الله، لعلمائها باع كبير في نشر الدين والعلم والإصلاح، استقرت هذه العائلات المهاجرة بمدينة قرطبة، وفيها نشأ مترجمنا وتربى على الفضيلة وطلب العلم فبرع ونبغ في فنون متعددة فعرف بالإمام اللغوي الفقيه الشاعر المؤرخ، المحدث الحافظ، جاب مدن الأندلس، ورحل رحلات عديدة الى المغرب والمشرق لملاقاة الشيوخ والمحدثين.
اكتسب علما جما ومعارف غزيرة.
اشتهر خاصة في علوم الحديث الشريف الذي جاب في تحصيله الفلوات، ونسى في خدمته اللذات والشهوات، ومارس الدفاتر وسامر المحابر، وانفق في جمعه ونشره سنين عمره، واوقف لتقييده وتسميعه ليله ونهاره ، فأخذ وبلغ، وأصل وفصل، شهدت مساجد وداره بقرطبة مجالس إملائه التي غصت بها جموع طلاب الحديث الشريف.
شهد له كل من عرفه أو ترجم له بأنه من كبار المحدثين الثقات الأثبات، نقل عنه الحفاظ وكتاب التراجم والمؤرخين، مما يدل على نفاسة مصنفاته – التي هي في حكم المفقود مع الأسف - و علو قدر مؤلفها ورسوخ قدمه.
اسمه ونسبه وكنيته:
عبد الملك بن زيادة الله بن علي بن حسين ابن محمد بن أسد بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن كعب بن مالك التميمي ثم الحمانى، أبو مروان الطبني، والحِّماني نسبة إلى حِمّان وهو حيّ من تميم، وبنو حِمّان بن عبد العُزَّى بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم كما يؤكد ذلك ابن حزم في جمهرة نسبه[1].
أما الطُّبْني فنسبة إلى مدينة طُبْنَه ( بضم الطاء المهملة وسكون الباء المعجمة بواحدة ثم نون مفتوحة ثم هاء) [2] وهي مدينة بريكة التابعة لولاية باتنة عاصمة الأوراس حاليا.
مولده ونشأته:
ولد كما ذكر ذلك بنفسه للقاضي أبو علي الصدفي ونقله عنه ابن بشكوال في الصلة (1/115) : " ولد شيخنا أبو مروان في الساعة الثامنة من يوم الثلاثاء، وهو اليوم السادس من ذي الحجة من سنة ستٍ وتسعين وثلاث مائة" ( 396 هـ / 1006 م )، في مدينة قرطبة التي هاجرت إليها الكثير من الأسر الطبنية، وقد نشأ مترجمنا في بيت علم ودين وأدب وشرف ونسب، نبغ من أسرته وأقاربه عدد غير قليل من المحدثين والأدباء و البلغاء والشعراء ورجال الدولة، أذكر منهم:
- والده زيادة الله ( ت 415 هـ): يكنى أبو مضر، من أهل العلم بالآداب، واللغات، والأشعار، رفيع الطبقة في صنعة الشعر قربه إليه حاكم قرطبة في وقته المنصور محمد بن أبي عامر وجعله من جلسائه [3].
- عمه أحمد ( ت 390 هـ): يكنى أبا عمر وصل إلى الأندلس حدثا سمع بقرطبة من قاسم بن أصبغ وابن أبي دليم ونظرائهما، ورحل إلى المشرق حاجا سنة اثنتي وأربعين وسمع في رحلته سماعا يسيرا، وكان رجلا صالحا فاضلا ، حدث وكتب الناس عنه أحاديث [4]
- عمه محمد ( ت 394 هـ): يكنى أبا عبد الله، وكان حافظا للأخبار عالما بالأنساب شاعرا محسنا، لم يصل إلى الأندلس أشعر منه، وكان واسع الأدب والمعرفة، ولى الشرطة وعاش إلى أن علت سنه، وقد كتب عنه الناس، وربطته علاقة صداقة بأبي محمد بن حزم الذي أورد بعضا من أخباره في كتابه (طوق الحمامة في الألفة والألاف). [5].
- ابن عمه إبراهيم بن يحيى ( ت 461 هـ): يكنى أبا بكر، أخذ مع ابن عمه أبي مروان عن بعض شيوخه، وشاركه فيمن لقيه منهم، أديب شاعر من أهل بيت أدب وعلم وجلالة، تولى الوزارة بحزم وفطنة [6]
- أخوه عبد الرحمن ( ت 401): يكنى أبا الحسن، كان له فضل وأدب وزهد ونسك. وروى الحديث قال ذلك: أخوه أبو مروان.[7]
- أخوه عبد العزيز ( ت 436 هـ) يكنى أبا الأصبغ سمع من القاضي يونس بن عبد الله كثيراً ومن غيره، وكان له فضل وسخاء.[8].
- بالإضافة إلى أبناء عمومته وأولادهم النجباء المشهورون في طلب الحديث الشريف والأدب والعلم والفضل منهم القاسم بن علي بن معاوية الطبني الراوية المحدث، وأبو الحسن علي بن عبد العزيز ابن زيادة الله بن أبي مضر الطبني، أشعر بني الطبني، وغيرهم.
طلبه العلم ورحلاته:
كما رأينا فإن مترجمنا نشأ في بيت علم وشرف، وفي كنف أسرة مباركة، كل أفرادها يتعاطى العلم والأدب، فحفظ القرءان الكريم وقرأ مبادئ العلوم والعربية والفنون، وحفظ المتون، فكان والده أول شيوخه، واستفاد أيضا من علم وأدب أعمامه وأبناء عمومته، وبعد أن بلغ سن الطلب أرسله والده إلى مجالس العلم بقرطبة التي كانت حاضرة ومنتدى للعلم والأدب في ذلك الوقت، كما أرتاد مكتباتها التي تزخر بأمهات الكتب والمصنفات، فكان يغشى مجالس العلماء والشيوخ والأدباء فتمكن من علوم وفنون عصره من لغة وشعر وفقه وتفسير للقرآن الكريم وتجويده، وبرع في الحديث الشريف (( وقد حبب إليه منذ صغره حب الحديث الشريف - ومن شاغف قلبه حب الحديث الشريف يصعب عليه تركه ))، لذلك نراه يشمر عن ساق جهده واجتهاده ويبدأ بالسماع من أسند شيوخ مصره، فسمع من مسند قرطبة والأندلس الشيخ المعمر حكم بن محمد، ومن محدث قرطبة والأندلس أبو حفص القرطبي الزهراوي، ومن الحافظ الثقة عمر بن القاضي القرطبيّ وغيرهم، ثم طاف بمدن الأندلس للسماع والأخذ والكتابة عن علمائها ومسنديها فزار مالقة والمرية ومرسية و سرقسطة وإشبيلية، وكعادة جهابذة المحدثين الذين يحرصون على الرحلة في طلب الحديث فقد كانت له رحلات متعددة إلى المشرق التقى وكتب فيها عن جماعة من أهل العلم بدأ رحلته الأولى في بداية سنة 418 هـ بالتوجه إلى الجزائر فزار مدينته طبنة، ومنها انتقل إلى بونة ( عنابة) حيث التقى المحدث الأديب أبو حفص عمر بن عبيد الله بن زاهر وقرأ عليه وأجازه وأثنى عليه، ثم انتقل بعدها إلى تونس التي أخذ عن علمائها في كل من القيروان التي أعجب بها واستقر فيها فترة في إحدى رحلاته، والمنستير والمهدية ، ثم توجه إلى مصر فأخذ عن علمائها بالقاهرة، والإسكندرية والفسطاط، ثم توجه إلى الحجاز حيث أدى فريضة الحج وسمع وأخذ عن علماء مكة المكرمة والمدينة النبوية، وعن العلماء الذين تعرف عليهم في موسم الحج، كما زار صقلية وأخذ بها عن الفقيه عبد المنعم بن الحسين الجرشي العتقي الذي ذكره أبو مروان الطبني في فهرسته وقال عنه:" ... لقيته بالمدينة من صقلية وناهيك به تماما وفضلا، وعلقت عنه فوائد عجيبة ونكتا حسانا ". [9]
وتعددت رحلاته بعدها وزياراته لأرض الحجاز لأداء فريضة الحج وطلب العلم، ومن المدن التي ذكر أنه أخذ فيها عن الشيوخ بغداد ودمشق والموصل .
وهذه تراجم موجزة لأهم شيوخه مرتبة حسب تاريخ الوفاة:
شيوخه:
1- عبد الرحمن أبو المطرف بن مروان بن عبد الرحمن القنازعي (ت 413 هـ): قرطبي فقيه زاهد ورع متقشف مجاب الدعوة، رحل وحج وسمع بمصر،وكان أقرأ من بقي وله تفسير في الموطأ مشهور مفيد حسن التأليف واختصار كتاب بن سلام في تفسير القرآن، روى عنه بن عتاب وابن عبد البر وابن الطبني وغيرهم.[10]
2- أحمد بن عبد الله بن بدر القرطبي النحوي (ت 423هـ) أبو مروان مولى الحكم المستنصر، روى عن أبي بكر بن هذيل وغيره ، وعنه أبو مروان الطبني ، وكان نحوياً لغوياً عروضياً شاعراً .[11]
3 - هاشم بن محمد بن هاشم (423 هـ) : من أهل قرطبة؛ يكنى أبا خالد، ذكره أبو مروان الطبني في الأدباء الذين أخذ عنهم الأدب.[12]
4- أبي بكر إسماعيل بن إسحاق بن عزرة الأزدي (ت حوالي سنة 424 هـ ) القيرواني المالكي، فقيه فاضل زاهد قيرواني من أصحاب أبي محمد بن أبي زيد القرواني وطبقته، سمع منه الناس روى عنه حاتم الطرابلسي وأبو مروان الطبني وأثني عليه ابن أبي زيد في شيبته.[13]
5 - مسعود بن سليمان بن مفلت الشنتريني الأديب ( 426 هـ): من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا الخيار، حدث عنه أبو مروان الطبني وقال: كان صاحبي عند جماعة من شيوخي وقال أنشدني هذا البيت وهو من أبيات كثيرة نفعاً: نافس المحسن في إحسانه ... فسيكفيك مسيئاً عمله.[14]
6- القاضي يونس ابن الصفار ( ت 429 هـ): أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث، قرطبي.نشأ في طلب العلم، كان رجلاً صالحاً، قديم الخير والطلب، مع الأدب. أسند من بقي من المحدثين، وأوسعهم جمعاً وأعلاهم سنداً، مقدماً في الفقهاء والأدباء، مشاركاً في كل فن. سمع منه الناس، روى عنه جماعة من الجلة، منهم: القاضي أبو الوليد الباجي، وابن عتاب، وأبو مروان سراج، والعقيلي والطرابلسي، وأبو مروان الطبني.[15]
7- أحمد بن محمد بن هشام بن جهور بن إدريس (ت 430 هـ): أبو عمرو المرشاني، روى عن أبيه، وعمه، وأبي محمد الباجي. وحج سنة خمس وتسعين، وجاور، وسمع، حدَّث عنه القاضي يونس بن عبد الله بن مغيث، وأبو مروان الطبني...وكان رجلاً صالحاً على سنةٍ واستقامة، ومعرفة بالشروط وعللها.[16]
8- محمد بن محمد بن إبراهيم بن سعيد القيسي ( 432 هـ) : من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا بكر، ولي القضاء بمدينة سالم. ثم أحكام الشرطة والسوق، وكان من أهل الصرامة في أحكامه، وكانت له عناية بالعلم. حدث عنه أبو مروان الطبني.[17]
9- عمر بن القاضي أبي عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرِّج القرطبيّ (ت 435 هـ ): أبو حفص، سمع من أبيه كبير المحدثين بقرطبة الكثير، ومن أبي جعفر بن عون الله، وغيرهما. وكان ثقة. روى عنه أبو مروان الطّبنيّ.[18]
10- محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد ( 439 هـ): أبو عبد الله المعافري القرطبي. حج، وسمع وحدث عن جلة من العلماء، كان معتنياً بالإجازة والآثار ثقة فيما رواه وعنى به، خيراً، فاضلاً، متواضعاً، دعي إلى الشورى فأبى. حدَّث عنه خلق منهم: أبو مروان الطبني... وكان بقية المحدثين بقرطبة. [19]
11- عمر بن عبيد الله بن زاهر( ت بعد 440 هـ): أندلسي استوطن بونة من عمل إفريقية، يكنى أبا حفص، روى عن أبي عمران الفاسي الفقيه، وأبي عبد الملك مروان بن علي الأسدي البوني، وغيرهم. ذكره أبو مروان عبد الملك ابن زيادة الله الطبني في شيوخه الذين لقيهم بالمشرق وأثنى عليه.[20]
12 - إبراهيم بن محمد بن زكريا بن مفرج بن يحي (441هـ): أبو القاسم الزهري الإفليلي ثم القرطبي، ولي الوزارة للمستكفي بالله، كان عالما بالنحو واللغة ، بذ أهل زمانه في اللسان العربي والضبط لغريب اللغة ، وألفاظ الأشعار ، يتكلم في البلاغة ونقد الشعر، روي عنه: أبو مروان الطبني، وأبو سراج، وآخرون.[21]
13- يونس بن أحمد بن يونس بن عيشون ( 442 هـ): أبو سهل الجذامي ابن الحراني القرطبي اللغوي، كان بصيراً باللسان، حافظاً للغة والعروض، قيماً بالأشعار، مليح الخط متقناً. أقرأ الناس مدة، روي عنه أبو مروان بن سراج، وأبو مروان الطبني وقال عنه :" كان بقية أهل العلم والشعر الجاهلي، وبالغريب وأهله، وأشد الناس تصاوناً وانقباضاً رحمه الله". [22]
14- اسماعيل بن أحمد بن زيادة الله التجيبي (ت 445 هـ) من أهل القيروان وسكن المهدية يعرف بالبرقي كان عالما بالآداب مستبحرا شاعرا مجودا من أهل التأليف والتصنيف مع جودة الضبط وبراعة الخط من كتبه " الرائق بأزهار الحدائق " و"شرح المختار من شعر بشار، للخالديين"، حدث عنه أبو مروان الطبني لقيه بالاسكندرية في رحلته لأداء الفريضة. [23]
15- حكم بن محمد ابن حكم ( ت 447 هـ ): الشيخ المعمر مسند الأندلس أبو العاص الجذامي القرطبي، المعروف بابن افرانك،... روى عنه أبو مروان الطبني، كان رجلا صالحا ثقة مسندا صلبا في السنة مشددا على أهل البدع عفيفا ورعا صبورا".[24]
16- عبد العزيز بن بندار بن عليّ بن الحسن ( ت 448 هـ) أبو القاسم بن بندار هذا سكن مكة، روى عنه أبو مروان الطبني وهو من جلة شيوخه انتقى عليه أبو نصر الوائلي الجامع الصحيح لمحمد بن إسماعيل البخاري.[25]
17- قاسم بن محمد بن هشام الرُّعينيّ (ت 448 هـ): أبو محمد، المعروف بابن المأمونيّ الأندلسيّ. من أهل المريّة. رحل وسمع كثيرا، كان من كبار المالكيّة، جلس بالمريّة للإقراء والتّفقّه، روى عنه: ابنه حجّاج، وأبو مروان الطّبني، وأبو المطرف الشَّعبيّ، وغيرهم.[26]
18- عمر بن عبيد الله بن يوسف بن حامد الذهلي (ت 454هـ): أبو حفص القرطبي الزهراوي، الإمام العالم الحافظ المجود محدث الأندلس مع ابن عبد البر كان معتنيا بنقل الحديث وجمعه وسماعه حدث عنه... أبو مروان الطبني، وكان خيرا ثقة متصاونا قديم الطلب. [27]
19 - عبد الرحيم بن أحمد بن نصر إسحاق بن عمرو (ت461): أبو زكريا التميمي البخاري الحافظ، له رسالة الرحلة وأسبابها وقول لا إله إلا الله وثوابها قال الحافظ ابن الأبار حدث عنه جماعة منهم أبو مروان الطبني وقال عنه :" هو من الرحالين في الآفاق أخبرني أنه يحدث عن مئين من أهل الحديث". [28]
20- الحبال الحافظ الامام المتفنن محدث مصر ( ت 482 هـ): أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني مولاهم التجيبى ابن ابى الطيب الفراء الكتبى الوراق المصرى، روى عنه أبو مروان الطبني...كان الحبال ثقة ثبتا ورعا خيرا.[29]
- كما تتلمذ وأخذ عن الحافظ عبد الرحمن بن إسماعيل بن جوشن المعروف بأبي المطرف الطليطلي، وعن الحافظ أبى الحسن على بن عمر الحرانى المعروف بابن حمصة، وعن المحدث القاضي عبد الرحمن بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد، وعن الأديب محمد بن الحسين الفهري وراق أبي علي البغدادي، وعن الأديب اللغوي أبي عثمان سعيد بن محمد بن عبد الله بن قرة، وعن الفقيه حماد بن وليد بن عيسى بن محمد بن يوسف الكلاعي، وعن الفقيه أبو علي الحسن بن أحمد بن محمد الهاشمي العباسي، البغدادي وغيرهم. ثقافته وسعة علمه: من خلال استقرائي لما خلّفه من تراث نقله عنه تلاميذه ومترجميه تبين لي أن اهتمامه ونبوغه لم يقتصر على علم الحديث الشريف رواية ودراية، وعلى العلوم الشرعية كالتفسير والتجويد والفقه، بل كانت له اهتمامات باللغة العربية وعلومها ونظم الشعر، فقد ذكر تلامذته الذين أجازهم أو أطلعوا على فهرسته التي سرد فيها شيوخه والكتب التي يرويها، انه منذ صغره كان يكرس جهوده للنظر في اللغة العربية وعلومها كالنحو والصرف والبلاغة وأَخْذِّها عن أشهر علماء عصره، يدل على ذلك نظمه ونثره الذي تبدو الفصاحة في عبارته والبلاغة في تعبيراته، والبيان في معانيه، وكيف لا يكون ذلك وقد قرأ وأخذ عن أشهر علماء عصره، فالإجازات العلمية الكثيرة التي حصل عليها دليل واضح يؤكد سعة علمه وتبحره في فنون متعددة.
وقد أجمع الأدباء وشيوخ اللغة والنحو على وصفه بالأديب الفصيح، والشاعر الناظم والإمام اللغوي، فها هو الأديب الكاتب أبو الحسن علي بن بسام صاحب كتاب " الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة " يصفه وآهل بيته الطبنيين قائلا:
"... كان أبو مروان هذا أحد حماة سرح الكلام وحملة ألوية الأقلام، من أهل بيت اشتهروا بالشعر اشتهار المنازل بالبدر، أراهم طرأوا على قرطبة قبل افتراق الجماعة وانتشار شمل الطاعة وأناخوا في ظلها ولحقوا بسروات أهلها ".[30]
وقد أورد ابن بسام من شعر أبي مروان الطبني في كتابه الذخيره ما وجده – كما قال - في بعض التعاليق بخط بعض أدباء قرطبة، وهو شعر يدل على أن قائله أديب مفتن. كما ترجم له الأديب المؤرخ أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي الإشبيلي المعروف بابن خاقان صاحب " قلائد العقيان " و " المطمح" فوصفه - كما نقل عنه المقري- قائلا:
" ... إمام في اللغة متقدم، فارع لرتب الشعر متسنم له، رواية بالأندلس ".[31]
أما الإمام الذهبي فقد وصفه قائلا : " كان أديبا، لغويا، شاعرا".[32]
دروسه ومجالسه :
تولى أبو مروان الطبني التدريس، وعقد مجالس الإملاء في الكثير من المدن التي زارها خلال رحلاته المتعددة، وهذا غير مستغرب فمثله ممن يحمل العلم النافع والاسناد العالي والفوائد الحديثية لابد أن يكون مقصد طلاب العلم والمشايخ، فقد أورد ابن الأبار أثناء ترجمته لعبد الرحمن بن عبد الواحد بن سعيد الشاطبي بأنه " سمع قديما ببلنسية من أبي عبد الله بن بيبش الأندي أحاديث خراش وكتبها عنه في سنة 528 حدثه بها عن أبي محمد عبد القادر بن محمد بن الحناط قال أملى علينا أبو مروان الطبني بمنزله بالمنستير عن القنازعي" [33]
وهذا يدل على أنه بكر في نشر التعليم والتسميع والإملاء والملازمة للتدريس، أما بعد استقراره بصفة نهائية في مدينة قرطبة حوالي سنة 452 هـ فقد تصدر للتدريس بجامعها الأعظم، وفى داره أيضًا، وسرعان ما عُرف قدره، واشتهرت إمامته، وطار ذكره في الآفاق، واشتهر بجهوده في نشر علوم السنة في الأندلس ورئاسة العلم بها، ورحل إليه النَّاس من الأقطار لسماع مروياته واستجازه من لم يستطع الاجتماع به، وتذكر المصادر أنه كان يحضر مجالسه ويتزاحم فيها الكثير من العلماء وطلبة العلم حتى تغص بهم " حَتَّى كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ قِيَامًا بِأَيْدِيهِمْ الْمَحَابِر"، و روي الحافظ الحميدي أن أبا مروان الطبني لما رأى كثرة الخلق في مجلس الإملاء ، وما له عندهم من الأثرة أنشد:[34]
إني إذا احتوشتني ألف محبرة ... يكتبن حدثني طوراً وأخبرني
نادت بعقرتي الأقلام معلنة ... هذى المفاخر لا قعبان من لبن
تلاميذه:عرف عن الطبني بأنه كان ملما بأكثر من علم وفن وخاصة الحديث الشريف وما ناله من شرف التلقي عن جهابذة الحفاظ في عصره ولهذا كانت مجالسه ودروسه مقصد طلاب العلم فتتلمذ على يديه وأخذ عن خلق لا يعد ولا يحصى نضر الله وجوههم بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وهذا سرد مختصر لبعض من أجازهم:
1- جابر بن أحمد بن خلف الجذامي ( 480 هـ): من أهل رية، يكنى أبا الحسن، سمع بقرطبة أبي مروان الطبني ... كان جابر هذا من أهل المعرفة والذكاء والنباهة، وكان يجلس للوثائق بجوفي المسجد الجامع بقرطبة، أخذ الناس عنه.[35]
2- المصعب بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي (ت حوالي 493 هـ): من أهل قرطبة يكنى أبا سليمان سمع من والده الفقيه أبي محمد ومن أبي مروان الطبني في شهر ربيع الاخر سنة 457 هـ، ... وكان على سنن سلفه من طلب العلم وحمله.[36]
3- خازم بن محمد بن خازم المخزومي (ت 496 هـ): من أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر، روى عن أبي مروان الطبني وغيره، وكان قديم الطلب، وافر الأدب، وله تصرف في اللغة وقول الشعر. سمع الناس منه ولم يكن بالضابط لما رواه، وكان يخلط في روايته.[37]
4- محمد بن علي بن يعيش بن داود ( ت حوالي 498 هـ) من أهل المرية وسكن بطليوس يكنى أبا الوليد ويعرف بابن ضابط لقي بقرطبة أبا مروان الطبني وأبا مروان بن سراج فسمع منهما في سنة 454هـ، ... وقعد لتعليم الآداب واللغات.[38]
5- الإمام الحافظ أبو علي الجياني (ت 498 هـ): حسين بن محمّد بن أحمد الغساني الجياني صاحب كتاب " تقييد المهمل وضبط المشكل " ، روى عن أبي مروان الطبني...كان من جهابذة المحدثين وكبار العلماء المستندين وعني بالحديث وكتبه وروايته وضبطه وكان حسن الحظ جيد الضبط وكان له بصر باللغة والأعراب ومعرفة بالغريب والشعر والأنساب.[39]
6- مالك بن عبد الله بن محمد العتبي اللغوي (ت 507 هـ) : من أهل قرطبة؛ يكنى أبا الوليد، ويعرف بالسهلي، روى عن القاضي سراج بن عبد الله، وأبي مروان الطبني وأبي مروان بن حيان، وغيرهم، وكان من أهل المعرفة بالآداب واللغات والعربية ومعاني الشعر مع حضور الشاهد والمثل، مقدماً في ذلك على جميع أصحابه، ثقة فيما رواه ضابطاً لما كتبه، حسن الخط، جيد الضبط، وكان يقول لم أترك عند التميميين شيئاً إلا قرأته عليهما يعني بذلك الطرابلسي والطبني.[40]
7- هابيل بن محمد بن أحمد بن هابيل(ت 509 هـ): أبو جعفر الألبيري، الأندلسي. أخذ بقرطبة عن أبي مروان الطبني... وكان فيه فضل ومعرفة باللغة. جمع الشيوخ، وخرج الفوائد.[41]
8- خلف بن محمد بن عبد الله بن صواب اللخمي( ت 514 هـ): من أهل قرطبة، يكنى أبا القاسم، روى عن أبي مروان الطبني، وأبي محمد بن البشكلاري وغيرهم كثيراً، وكان رجلاً فاضلاً ثقة فيما رواه، قديم الطلب للعلم، متكرراً على الشيوخ. عني بلقائهم والأخد عنهم. وكان عارفاً بالقراءآت ورواياتها وطرقها. وكتب بخطه علماً كثيراً ورواه.[42]
9- عبد الرحمن بن عبد الواحد بن سعيد ( ت 587 هـ): من أهل شاطبة يكنى أبا زيد سمع قديما ببلنسية من أبي عبد الله بن بيبش الأندي أحاديث خراش وكتبها عنه في سنة 528 هـ حدثه بها عن أبي محمد عبد القادر بن محمد بن الحناط قال أملى علينا أبو مروان الطبني بمنزله بالمنستير عن القنازعي، وكان من أهل النباهة والعناية بالرواية. الشروط.[43]
10- أبو القاسم بن سيد الواعظ (ت ؟): الإمام الأديب، يروي عن أبي مروان الطبني، ذكر أنه أخذ عنه كتاب الملخص للإمام ابي الحسن علي بن ابي بكر محمد ابن خلف المعافري.[44] 11- عبد الله بن طريف بن سعد ( ت ؟): روى بقرطبة عن القاضي يونس بن عبد الله، وعن القاضي سراج بن عبد الله، وأبي مروان الطبني وغيرهم. وكانت له رحلة إلى المشرق وحج فيها ...وكان كثير السماع على الشيوخ والتكرر عليهم والإختلاف إليهم.[45] وغيرهم.
مؤلفاته وآثاره:
نظراً لانشغاله التام بالتدريس فقد كان مقلًّا من التأليف، ورغم هذا فقد ترك تآليف منها:
1- فهرسته:
جمع فيها مروياته، وتحدث فيها عن شيوخه المباشرين وعن شيوخ شيوخه، وترجم لهم ، وذكر ما كان متداولا لديهم من كتب في مختلف الفنون، كما سجل أسانيده إلى مؤلفيها، وقد ذكر عبد الحي الكتاني رحمه الله في كتابه فهرس الفهارس والأثبات 1 / 467 أنه يروي فهرسة أبو مروان الطبني من طريق القاضي عياض عن الجياني عنه. وقد احتفى بهذه الفهرسة الحفاظ و العلماء والمؤرخين واستفادوا ونقلوا منها، منهم الإمام الحافظ الناقد القاضي عياضٌ اليحصبي (ت 544 هـ) الذي نقل كثيرا من إختياراته و أبحاثه في مصطلح الحديث وخاصة ما يتعلق بكيفية التحمل والأداء في كتابه ((الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع )) كما نقل عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه (( النكت على ابن الصلاح والعراقي)) وقد لاحظ الأمير الصنعاني في كتابه (( توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار )) أنه جاء في جميع نسخ النكت على ابن الصلاح اسم مترجمنا "أبو مروان الظبي" هكذا - بالظاء والباء والياء - وهو خطأ والفضل يرجع إلى الأمير الصنعاني في الاهتداء إلى أنه الطبني أبو مروان عبد الملك.[46].
2- كتاب " أخبارالقيروان:
" وهو كتاب حسب ما يبدو تحدث فيه عن تاريخ وأخبار مدينة القيروان وجمع فيه تراجم ومناقب العلماء، والصلحاء والرواة والأدباء والشعراء الذين عرفهم أو حدثه عنهم شيوخه، ولعله ألفه بعد أن استوعب ترجمة شيوخه وشيوخهم في فهرسته، وقد ذكره عبد الواحد بن علي المَرَّاكُشِيّ (ت 647 هـ) مؤلف كتاب " المعجب في تلخيص أخبار المغرب" أثناء حديثه عن مدينة القيروان، فقال ما نصه ص255:
" " ... وكانت القيروان هذه في قديم الزمان منذ الفتح إلى أن خربتها الأعراب دار العلم بالمغرب إليها ينسب أكابر علمائه وإليها كانت رحلة أهله في طلب العلم وقد ألف الناس في أخبار القيروان ومناقبه وذكر علمائه ومن كان به من الزهاد والصالحين والفضلاء المتبتلين كتباً مشهورة ككتاب أبي محمد بن عفيف وكتاب ابن زيادة الله الطبني وغيرهما من الكتب" كما نسبه اليه إسماعيل باشا البغدادي في كتابه (( هدية العارفين اسماء المؤلفين2/274 )) حيث قال :
" وعبد الملك بن ابى مضر زيادة الله بن على التميمي الطبنى أبو مروان الاندلسي كان أديبا مؤرخا رحل إلى المشرق ورجع، صنف تاريخ القيروان". ومما يؤكد أنه ألف كتابا في تراجم العلماء و المحدثين ما ذكره الحافظ المؤرخ الأديب أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي المعروف بابن الأبار ( ت 658 هـ ) في مقدمة كتابه " التكملة لكتاب الصلة " من أنه أعتمد من بين مصادر هذا الكتاب على أبو مروان الطبني، قال ابن الأبار في التكملة : 1/7 وهو يذكر منهجه في الكتاب ويعدد المصادر التي استقى منها كتابه:
" ...فما كان في كتابي هذا عن أبي مروان الطبني فأخبرني به قاضي الجماعة أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي عن أبيه عن أبي الحسن عبد الرحيم بن قاسم الحجاري عن أبي الوليد العتبي وعن أبي مروان بن قزمان عن أبي علي الغساني كلاهما عن الطبني وأخبرني أيضا أبو القاسم عن أبي الحسن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم بما فيه عنه". ولهذا نجد التكملة مليئا بعبارات مثل:
" ذكره الطبني وقرأته بخطه " و" قرأت بخط أبي مروان الطُّبني" و" حكى ذلك أبو مروان الطبني" و" ذكره والذي قبله أبو مروان الطبني".
كما أن ابن بشكوال ينقل عنه في كتابه " الصلة في الرواة " ويستشهد بأقواله في تحديد بعض التواريخ المتعلقة بحياة الرواة الذين ترجم لهم، كما يورد آرائه وحكاياته في تراجم رجاله، وهو يظهر من خلال ما نقل من هذا الكتاب انه وللأسف فان هذا الكتاب مفقود كغيره من مؤلفات الطبني، ولولا كتب الحميدي وابن بشكوال وابن الأبار رحمهم الله الذين حفظوا لنا نصوصاً كثيرة مسندة عنه لما عرفنا شيئا من درر محدثنا الأديب الشاعر وما ساهم به من التعريف بتراجم وأعلام المغرب الإسلامي في عصره.
3- تقييدات:
كتبها بخطه وهي تشمل علوم الحديث الشريف والأدب واللغة والتراجم لو جمعت في مكان واحد لكان في ذلك من النفع الكبير ما لا يخفى. - منها ما ذكره الدكتور فاروق حمادة في مقدمة " تحقيقه لكتاب "عمل اليوم والليلة " لأحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، قال:
"... كما أنني وجدت مجلدين من المجتبى قديمين جدا كتبت عليها سماعات بين سنة 530 هـ و561 هـ فيها نص ظاهر أنها من تأليف النسائي وقد جاء في صدر احدهما: الجزء الحادي والعشرون من السنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تأليف أبي عبد الرحمن احمد بن شعيب بن بحر النسائي رواية أبي بكر احمد بن اسحق بن السني عنه، رواية القاضي أبي نصر احمد بن الحسن بن الكسار عنه، رواية الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن محمد الدوني عنه، رواية أبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري عنه، رواية الشيخ الإمام زين الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجاد الحنبلي الواعظ وفيها نص ظاهر على أنها من تأليف النسائي وابن السني مجرد رواية لها وان كان احد المجلدين قد أكلت أكثره الأرضة فالأخر لا يزال أكثره صالحا واضحا بخط مشرقي جيد يحمل رقم 5637 بالخزانة الملكية بالرباط، وعلى ظهر هذه النسخة كتب بخط قديم قدمها:
" قال الطبني اخبرني أبو اسحق الحبال سأل سائل أبا عبد الرحمن ... بعض الأمراء عن كتابه السنن أصحيح كله فقال لا قال فاكتب لنا الصحيح مجردا فصنع المجتبي (بالباء) من السنن الكبرى ترك كل حديث أورده في السنن ما تكلم في إسناده بالتعليل ) وهو ما يقوي القول بان المجتبى من تصنيف النسائي، لان أبو اسحق الحبال أعلم بالنسائي وبكتاب النسائي وقوله أولى بالقبول من قول غيره – والله أعلم-.
- ذكر الحميدي في كتابه جذوة المقتبس: 1/55، هذا التقييد عن أبي مروان الطببني:
" ...كان شيوخنا من أهل الأدب يتعالمون أن الحرف إذا كتب عليه بصح بصاد وحاء، أن ذلك علامة لصحة الحرف لئلا يتوهم متوهم عليه خللاً ولا نقصاً، فوضع حرف كامل على حرف صحيح، وإذا كان عليه صاد ممدودة دون حاء، كان علامة أن الحرف سقيم إذ وضع عليه حرف غير تام ليدل نقص الحرف على اختلال الحرف، ويسمى ذلك الحرف أيضا ضبة، أي إن الحرف مقفل بها، لا يتجه لقراءة، كما أن الضبة مقفل بها".
شعره:
يبدو من المقطوعات القليلة التي وصلتنا ومما وصف به في ترجماته من أنه كان من الشعراء المجيدين، الذين يملكون ناصية اللغة الشعرية وبأنه كان يتمتع بموهبة فطرية في نظم الشعر نماها بقراءاته الكثيرة ومخالطة الفصحاء، وقد رأينا كيف تأثر من رؤية كثرة الطلاب الذين حضروا مجلس إملائه حبا في الحديث الشريف وقد عبر عن ذلك الموقف ببيتين من الشعر يعدان قمة في صدق التعبير، وحلاوة البيان، وحسن اختيار الكلمات دون تكلف، وهما نابعان من إحساس وجداني عاطفي روحي مصدره حب الله سبحانه وتعالى والتعلق بحلاوة الحديث الشريف.
لقد ضاع شعر الطبني كما ضاعت مؤلفاته وآثاره ولولا بعض المقطوعات المبثوثة في كتب التراجم التي حافظت عليها ونقلتها لما عرفنا له نظما، وقد افرد ابن بسام فصلا في كتابه الذخيرة عنوانه ((جملة ما أخرجته من أِشعار بني الطبني)) ومما أورده قوله:
" ووجدت في بعض التعاليق بخط بعض أدباء قرطبة قال :
لما عدا أبو عامر أحمد بن محمد بن أبي عامر على الحذلمي في مجلسه وضربه ضرباً موجعاً وأقر بذلك أعين مطالبيه، قال أبو مروان الطبني فيه: [47]
شكرت للعامري ما صنعا ... ولم أقل للحذيلمي لعا
ليث عرين عدا لعزته ..... مفترساً في وجاره ضبعا
لا برحت كفه ممكنةً .... من الأماني فنعم ما صنعا
وددت لو كنت شاهداً لهما ... حتى ترى العين ذل من خضعا
إن طال منه سجوده فلقد ... طال لغير السجود ما ركعا
كما حفظ لنا الإمام الحافظ الحميدي بعضا من شعره في ترجمته لأبي مروان الطبني، قال:" وشعره على طريقة العرب، ومن ذلك قوله:[48]
وضاعف ما بالقلب يوم رحيلهم ... على ما به منهم حنين الأباعر
أتجزع آبال الخليط لبينهم ..... وتسفح من دمع سريع البوادر
وأصبر عن أحباب قلب ترحلوا ... ألا إن قلبي صابر غير صابر
وأنشدني له الرئيس أبو رافع الفضل بن علي أحمد بن سعيد، قال: أنشدني أبو مروان الطبني لنفسه:دعني أسر في البلاد مبتغياً ... فضل ثراء إن لم يفر زانا
فبيذق النطع وهو أحقر ما ... فيه إذا سار صار فرزانا
وفاته:توفي رحمه الله مقتولا في داره بقرطبة في ربيع الآخر سنة 547 هـ كما ذكر ابن بسام في ذخيرته، حيث قال " وجد قتيلاً فوق فراشه، مضرجاً بدمه، مبعوجاً بالخناجر في وريده وإليته وأعالي جسده".
أما من قتله والدافع إلى هذا الفعل الشنيع، فحسب رواية مؤرخ الأندلس ابن حيان(ت 469هـ) التي نقلها عنه ابن بسام في ذخيرته فقد زعم أن إحدى زوجاته وهي أم ولد هي الفاعل بالتعاون مع بعض أبناء السوء بسبب هجر الطبني لها، وتقتيره عليها في المعيشة.
ويصف ابن بسام جنازته فيقول: "... ودفن أبو مروان اليوم الثاني من مصابه، ولم يتخلف أحد عن جنازته ممن سمع خبره، لاشتهار فضله فيهم، واجتماع صالح الخلال له من الفقه والحديث والرواية والأدب والشعر واللغة والعربية، إلى دماثة الخليقة، واستقامة الطريقة، والتزام الحقائق، واكتمال الإيمان، بقضائه لجميع فرائضه، وعوده في نافلة الحج بعد تأدية فرضه، على وهن بجسده، وتخلف في ناضه، رغبة في الاستكثار من الخير، والترقي في المعرفة، وزيادة لمعاني العلم وطلبه ولقاء رجاله، فأكثر الناس من تأنيبه، وأخلصوا الدعاء على قاتليه، واستبطأوا السلطان في إنفاذ الحد عليهم بالشبهة التي ظهرت".[49]
وهكذا انتهت حياة هذا العالم المحدث الأديب بعد أن قضى شطرا كبيرا من حياته ناشرا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مدرسا ومؤلفا، صابرا مثابرا مرابطا محتسبا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].
فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله خيرا.
مكانته العلمية والاجتماعية:
نال الحافظ الفقيه الأديب تقدير العلماء والأدباء ورجال أمته وحل منهم موضع الإجلال والتقدير، وحظي بتكريم واحترام الحكام والأمراء الذين عظموا قدره، وتودّدوا إليه لدرايتهم بمكانته من العلم والشرف وبسمعة أسرته الدينية والعلمية، ومن الأعلام الذين ربطته بهم صلات المودة والصداقة الوزير الشاعر المشهور أبو الوليد أحمد بن زيدون، وقد تبادلا الأشعار والمراسلات منها هذه المقطوعة التي أجاب بها الطبني ابن زيدون ردا على قصيدتة التي بعثها من اشبيلية:[50]
أبا الوليد وما شطت بنا الدار ... وقل منا ومنك اليوم زوار
وبيننا كل ما تدريه من ذمم...وللصبا ورق خضر وأنوار
وكل عتب وإعتاب جرى فله ... بدائع حلوة عندي وآثار
فاذكر أخاك بخير كلما لعبت ... به الليالي فإن الدهر دوار
ومن أصدقائه الأعلام أيضا أبو محمد ابن حزم الفقيه الأصولي، الحافظ، صاحب المصنفات الرائعة، وأخباره معه ذكرها أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي في كتابه ((رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها)).ومن أصحابه مسعود بن سليمان بن مفلت الشنتريني الأديب العالم المجتهد، من أهل قرطبة يكنى أبا الخيار، حدث عنه أبو مروان الطبني وقال: كان صاحبي عند جماعة من شيوخي".[51]
وبالجملة فهو كما ترجم له أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي الإشبيلي في كتابه (( المطمح )) ما نصه:
" من ثنية شرف وحسب ومن أهل حديث وأدب إمام في اللغة متقدم فارع لرتب الشعر متسنم له رواية بالأندلس ورحلة إلى المشرق ثم عاد وقد توج بالمعارف المفرق وأقام بقرطبة علما من أعلامها ومتسنما لترفعها وإعظامها تؤثره الدول وتصطفيه أملاكها الأول ما زال فيها مقيما ولا برح عن طريق أمانيها مستقيما إلى أن اغتيل في إحدى الليالي بقضية يطول شرحها فأصبح مقتولا في فراشه مذهولا كل أحد من انبساط الضرب إليه على انكماشه وقد أثبت من محاسنه ما يعجب السامع وتصغي إليه المسامع " [52]
ثناء العلماء عليه:
مدحه وأثنى عليه وعلى علمه كثير من العلماء والأدباء ووصفوه بالمحدث الحافظ الفقيه، وبأنه أمام في اللغة راوية للشعر وكتب الآداب والتاريخ، ومن أهل المعرفة بالرجال وتمييزهم، ثقة ثبت فيما رواه، ضابطاً لما كتبه، وأنه كان رجلاً جيد الدين، حسن العقل متصاوناً لين العريكة، واسع الخلق مع النبل والبراعة، والتواضع، كان لتلاميذه كالأب الشفيق؛ والأخ الشقيق، مجتهداً في تبصيرهم، متلطفاً في ذلك، يقصر اللسان عن وصف أحواله الصالحة. وأذكر هنا بعض ما وقفت عليه من ثناء المحدثين والحفاظ ممن صنفوا في التراجم وعلم الرجال:
- ترجم له الإمام الحافظ، شيخ المحدثين الحميدي فقال: " أبو مروان الطبني من أهل بيت جلالة ورياسة، من أهل الحديث والأدب، إمام في اللغة شاعر، وله رواية وسماع بالأندلس، وقد رحل إلى المشرق غير مرة على كبر، وسمع بمصر والحجاز، وحدث بالمشرق عن إبراهيم بن محمد بن زكرياء الزهري النحوي الأندلس، رأيته بالمدينة في آخر حجة حجها "[53]
- عده الإمام العلامة الحافظ القاضي عياض من جلة علماء الحديث الشريف عند ترجمته للإمام الفقيه يونس ابن الصفار فقال: " روى عنه جماعة من الجلة... منهم أبو مروان الطبني".[54]
- قال عنه الحافظ المحدث القاضي أبو علي الصدفي: " كانت له عنايةٌ تامة في تقييد العلم والحديث، وبرع مع ذلك في علم الأدب والشعر".[55]
- وصفه خلف بن عبد الملك، ابن بشكوال بأنه من كبار المحدثين حين ترجم لشيخه المسند الثقة أبو العاصي حكم بن محمد بن حكم بن محمد الجذامي، فقال: "وروى عن حكم هذا جماعة من كبار المحدثين منهم: أبو مروان الطبني، وأبو علي الغساني ..." [56]
- ترجم له الإمام الذهبي فقال عنه : " أبو مروان الطبني. من بيت علم ودين، أصلهم من طبنة ...وكان ذا عناية تامة بالحديث.
وكان أديبا، لغويا، شاعرا ".[57]
بعض إجازاته في علم الحديث الشريف:
من خلال دراستنا لأبي مروان الطبني لاحظنا أن اهتمامه الأكبر كان منصبا على دراسة الحديث الشريف من جهة السند، والرجال والمصطلح ونحوه، وقد رأيت أن أنقل بعضا من اختياراته في هذا العلم الشريف للفائدة وليطلع عليها إخوتي في الدين:
- الإجازة:
أ-كان يرى جواز الراوية والعمل بها، وقصر الصحة عليها. وأعلاها بالنسبة له هي الإجازة المُجَرَّدة عن المناولة، وهي أن يُجيز الشيخُ مُعَيَّناً لمُعَيَّنٍ: كأجزتك صحيح البخاري.[58] [58]
قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث. للعلامة جمال الدين القاسمي ص 204.
ب – كان لا يرى صحة إجازة " ما سَيَحْمِلُهُ المجُيزُ ممَّا لم يسمعْهُ قبلَ ذلكَ، ولم يتحمَّلْهُ ، لِيَرْوِيَهُ الْمُجَازُ لهُ بعدَ أَنْ يتحمَّلَهُ المجُيزُ".
وهي النوع السادس من أنواع الإجازة عند ابن الصلاح ( الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح 1/306 ) وهي : " إجازة ما لم يسمعه المجيز ولم يتحمله أصلا بعد ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز بعد ذلك". وقد ذكر القاضي عياض في كتابه " الإلماع " أنه قرأ هذا الإختيار في فهرسة أبي مروان الطبني، قال ما نصه:
" قرأتُ في فهرسةِ أبي مروانَ عبدِ الملكِ بنِ زيادةِ اللهِ الطُّبْنيِّ ، قالَ : كنتُ عندَ القاضي بقُرْطُبَةَ أبي الوليدِ يونسَ بنِ مُغيثٍ ، فجاءَهُ إنسانٌ فسأَلَهُ الإجازةَ لهُ بجميعِ ما رواهُ إلى تاريخِها ، وما يرويهِ بَعْدُ ، فلمْ يجبْهُ إلى ذلكَ ، فغضبَ السائلُ ، فنظرَ إليَّ يونُسُ فقلتُ لهُ : يا هذا يُعطيكَ ما لَمْ يأْخُذْ ؟!! هذا محالٌ .
فقالَ يُونُسُ : هذا جوابي" وعلق القاضي عياضٌ بعدها قائلا :
وهذا هو الصَّحيحُ فإنَّ هذا يُخْبرُ بما لا خَبَرَ عندهُ منهُ ، ويأذنُ لهُ بالحديثِ بما لَمْ يحدَّثْ بهِ بعدُ ويُبيحُ ما لا يَعْلَمُ ، هلْ يصحُّ لهُ الإذنُ فيهِ ؟! فَمَنْعُهُ الصوابُ )).[59]
بين صحيح البخاري ومسلم:
كان يذهب إلى تفضيل صحيح مسلم على صحيح البخاري - رحمهما الله – على عادة المغاربة، وهو في هذا يوافق أستاذه وصديقة أبو محمد ابن حزم الأندلسي، وهذا التفضيل لا يشمل الصحة، فأحاديث البخاري أصح من أحاديث مسلم، وإنما يرى التفضيل بسبب مميزات أمتاز بها صحيح مسلم منها: حسن ترتيب مسلم لصحيحه، وجمعه طرق الحديث في مكان، وعدم مزجه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغيره كما صنع الإمام البخاري حينما مزج مع الحديث ما ورد عن الصحابة وعن التابعين، كما ان مسلم اقتصر على المرفوع دون الموقوف، وعلى المتصل دون المعلق، مع الاحتياط في الرواية عن مَن تُكُلِّمَ فيه، بالاضافة الى الصناعة الحديثية المتقنة في صحيح مسلم أكثر منها في صحيح البخاري.[60] .
الهوامش:
[1] جمهرة أنساب العرب لابن حزم الأندلسي: 466.
[2] "طبنة: أعظم بلاد الزاب، بينها وبين المسيلة مرحلتان، وهي حسنة كثيرة المياه والبساتين والزروع والقطن والحنطة والشعير، وعليها سور تراب، و بها أخلاط من الناس، و بها صنائع وتجارات، ولأهلها تصرف في ضروب من التجارات والتمر وسائر الفواكه بها كثير، وهي مدينة كبيرة ولها حصن قديم عليه سور من حجر جليل ضخم متقن البناء من عمل الأول، ولها أرباض واسعة، وهي مما افتتح موسى بن نصير حين دخل بلاد إفريقية فبلغ سبيها عشرين ألف رأس، وتشق طبنة جداول الماء العذب، ولها بساتين كثيرة فيها النخل والثمار، ولها نهر يشق غابتها، وقد بني له صهريج كبير يقع فيه وتسقى منه جميع بساتينها وأرضها، ولم يكن من القيروان إلى سجلماسة مدينة أكبر منها." الروض المعطار في خبر الأقطار للحميري: 1/387.
[3] نقل ابن بسام في ( الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: 1/537 ) أن ابن حيان ترجم لزيادة الله والد أبو مروان في كتابه ( المقتبس في تاريخ الأندلس ) فقال عنه : " ... وكان أبو مضر نديم محمد بن أبي عامر، أمتع الناس حديثاً ومشاهدة، وأنصعهم ظرفاً، وأحذقهم بأبواب الشحذ والملاطفة ، وآخذهم بقلوب الملوك والجلة ، وأنظمهم لشمل إفادة ونجعة، ... له في كل ذلك أخبار بديعة؛ من رجل شديد الخلابة، طريف الخلوة ، يضحك من حضر، ولا يضحك هو إذا ندر، رفيع الطبقة في صنعة الشعر، كثير الإصابة في البديهة والروية" أ.هـ.
[4] تاريخ العلماء بالأندلس لابن الفرضي: 1/77.
[5] تاريخ العلماء بالأندلس لابن الفرضي: 2/119، و طوق الحمامة في الألفة والألاف لابن حزم ص 261 وما بعدها.
[6] الصلة في الرواة لابن بشكوال: 1/31، وجذوة المقتبس للحميدي 1/58.
[7] الصلة في الرواة لابن بشكوال:1/97.
[8] الصلة في الرواة لابن بشكوال 1/118.
[9]التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار: 3/129 الترجمة رقم: 313.
[10]الديباج المذهب لابن فرحون :1/201.
[11]بغية الوعاة للسيوطي: 1/313 الترجمة رقم: 590.
[12] الصلة في الرواة لابن بشكوال:1/214.
[13] ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضى عياض (2/718).
[14] الصلة في الرواة لابن بشكوال:1/200.
[15] ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضى عياض:2/48.
[16] تاريخ الإسلام للذهبي: 29/281.
[17] الصلة في الرواة لابن بشكوال :1/168.
[18] تاريخ الإسلام للذهبي: 29/ 419.
[19] سير أعلام النبلاء للذهبي: 17/615، والديباج المذهب لابن فرحون: 2 / 324.
[20] الصلة في الرواة لابن بشكوال:1/126.
[21] تاريخ الإسلام للذهبي: 30/ 42 وبغية الوعاة للسيوطي : 1/426 الترجمة رقم:863).
[22] تاريخ الإسلام للذهبي: 30/ 74، والصلة في الرواة: 1/223.
[23] التكملة لكتاب الصلة لابن الابار 1/159 الترجمة رقم: 501. [
24] سير أعلام النبلاء: 15/222 الترجمة رقم 449.
[25] فهرس ابن عطية المحاربي ص95.
[26] الصلة الرواة لابن بشكوال:1/150.
[27] سير أعلام النبلاء 15/350 الترجمة رقم 105.
[28] نفح الطيب لأحمد المقري :3/63. والتكملة لكتاب الصلة لابن الابار: 3/62 الترجمة رقم:147.
[29] تذكرة الحفاظ للذهبي:3/253 الترجمة رقم: 1029.
[30] الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام: 1/536.
[31] نفح الطيب لأحمد المقري:7/49.
[32] تاريخ الإسلام للذهبي 30/ 434.
[33] التكملة لكتاب الصلة لابن الابار: 3/40.
[34] جذوة المقتبس للحميدي:1/102.
[35] الصلة في الرواة: 1/42.
[36] التكملة 2/187 الترجمة رقم: 492.
[37] الصلة في الرواة :1/ 178.
[38]التكملة 1/330 الترجمة رقم: 1170.
[39] أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض لأحمد المقري:1/285.
[40] الصلة في الرواة:1/201. [41] تاريخ الإسلام للذهبي 35/ 235.
[42]الصلة في الرواة: 1/56.
[43] التكملة لكتاب الصلة 3/40 الترجمة رقم: 97.
[44] برنامج الوادي آشي :1/245، والتكملة 4/79 الترجمة رقم 228.
[45] الصلة في الرواة :1/89.
[46] توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار للأمير الصنعاني:1/45.
[47] الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام: 1/ 539.
[48] جذوة المقتبس للحميدي:1/101.
[49]الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام:1/537- 539.
[50]نفح الطيب 7/49.
[51]الصلة في الرواة:1/200
. [52]نفح الطيب 7/49. [53]الجذوة 1/102.
[54]ترتيب المدارك للقاضي عياض: 2/48.
[55] الصلة في الرواة:4/57.
[56] الصلة في الرواة:2/39.
[57] تاريخ الإسلام للذهبي 30/ 434 الترجمة رقم: 189.
[58] قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث.للعلامة جمال الدين القاسمي ص 204.
[59] شرح التبصرة والتذكرة، لماهر الفحل:1/139.وترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض:2/48.
[60] مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 1/22. توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار للأمير الصنعاني: 1/44.
المصادر والمراجع:
- جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس للحميدي ، تحقيق روحية عبد الرحمن السويفي ، دار الكتب العلمية بيروت ، ط1، 1417هـ/ 1997م.
- مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت 1379 م.
- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض السبتي، تحقيق مجموعة من الباحثين، وزارة الأوقاف الرباط المغرب، 1983م.
- تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس لأبي الوليد ابن الفرضي، تحقيق عزت العطار الحسيني، نشر مطبعة المدني القاهرة، ط1 1408هـ/ 1988م.
- التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار، تحقيق عبد السلام الهراس، دار المعرفة /الدار البيضاء المغرب، ط1 ،1995م.
- سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي ، تحقيق شعيب الأرناؤوط و محمد نعيم العرقسوسي، دار النشر : مؤسسة الرسالة لبنان ، الطبعة 9 ، 1413هـ.
- تذكرة الحفاظ للإمام الذهبى، دراسة وتحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية بيروت-لبنان,الطبعة الأولى 1419هـ- 1998م
- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى، دار الكتاب العربي - لبنان/ بيروت - 1407هـ - 1987م، الطبعة الأولى.
- الصلة في الرواة لأبي القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال، الدار المصرية للتأليف والنشر، القاهرة 1966م.
- الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، لأبي الحسن علي بن بسام الشنتريني، تحقيق إحسان عباس، الدار العربية للكتاب ، ليبيا – تونس ، الطبعة 1 ، 1981م.
- الديباج المذهب في معرفة علماء المذهب لابن فرحون - الشركة الوطنية للنشر و التوزيع - الجزائر 1982م.
- طوق الحمامة لابن حزم الأندلسي ـ تحقيق د. إحسان عباس ـ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت ـ 1993م.
- رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، تحقيق : د . إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت / لبنان - الطبعة الثانية 1987 م.
- الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، للقاضي عياض اليحصبي، تحقيق: أحمد صقر، نشر، دار التراث في القاهرة الطبعة الأولى 1398هـ.
- المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد بن علي المراكشي دراسة وتحقيق الدكتور صلاح الدين الهواري، المكتبة العصرية، صيدا-بيروت،الطبعة الأولى، 1426هـ - 2006م
- نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب لأبي العباس أحمد المقري، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة القاهرة، الطبعة 1 سنة 1949م.
- أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، لأحمد المقري، القاهرة، 1939م.
- توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، لمحمد بن إسماعيل الأمير الحسني الصنعاني، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة الخانجي- القاهرة الطبعة الأولى 1366.
- فهرس ابن عطية، تحقيق: محمد أبو الأجفان/ محمد الزاهي، دار الغرب الإسلامي - بيروت/ لبنان، الطبعة: الثانية 1983
- يرنامج الوادي آشي، لمحمد بن جابر الوادي آشي، تحقيق محمد محفوظ، دار الغرب الاسلامي بيروت، الطبعة الأولى1400م.
- شرح التبصرة والتذكرة، تحقيق د.ماهر فحل مكتبة المشكاة.
- قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، لمحمد جمال الدين القاسمي، دار الكتب العلمية - بيروت - ط: الأولى 1399هـ - 1979م.
- الاعلام تأليف خير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين بيروت - الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980م,
- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الفكر، القاهرة، طبعة ثانية سنة 1979.
- عمل اليوم والليلة لأحمد بن شعيب النسائي، تحقيق الدكتور فاروق حمادة في مقدمة " ، مؤسسة الرسالة ، بيروت الطبعة الثالثة، 1407 هـ.
- حياة ابن حزم و تعليمه، دراسة منشورة في مجلة مجمع اللغة العربية، الجزء الرابع والثمانون - المحرم 1420هـ/ مايو 1999م.
- موسوعة الشعر الجزائري، مجموعة من أساتذة جامعة قسنطينة دار الهدى عين امليلة الجزائر ط1/ 2002م.
0 التعليقات:
إرسال تعليق